الخاصَّةُ والبِطَانَةُ ، كما سمَّاهم عَيْبَتَه وكَرِشَه. والدِّثارُ : الثَّوبُ الَّذي فَوقَ الشِّعَار ، وقد سبق في مَحلِّه.
ج أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ ، الأَخِير بضمَّتَيْن ككِتَاب وكُتُبٍ ، ومنهحديثُ عائشة : «أَنّه كان لا ينَامُ في شُعُرِنَا» ، وفي آخَرَ : «أَنّه كانَ لا يُصَلِّي في شُعُرِنَا ولا فِي لُحُفِنَا» (١).
وشَاعَرَهَا ، وشَعَرَهَا ضَاجَعَهَا ونامَ مَعَهَا في شِعَارٍ واحِدٍ ، فكان لها شِعَاراً ، وكانت له شِعَاراً ، ويقول الرَّجلُ لامْرَأَتِه : شَاعِرِينِي. وشَاعَرَتْهُ : نَاوَمَتْه في شِعَارٍ واحدٍ.
واسْتَشْعَرَه : لَبِسَه ، قال طُفَيْلٌ :
وكُمْتاً مُدَمّاةً كأَنَّ مُتُونَهَا |
جَرَى فَوقَها واسْتَشْعَرَت لَوْنَ مُذْهَبِ |
وأَشْعَرَه غَيْرُه : أَلْبَسَه إِيّاه.
وأَما قولُه صلىاللهعليهوسلم لِغَسَلَةِ ابنَتِه حين طَرَحَ إِليهِنّ (٢) حَقْوَهُ «أَشْعِرْنَهَا إِيّاه» ، فإِن أَبا عُبَيْدَة قال : معناه اجْعَلْنَه شِعَارَهَا الذي يَلِي جَسَدَها ؛ لأَنه يَلِي شَعرَها.
ومن المَجَاز : أَشْعَرَ الهَمُّ قَلْبِي ، أَي لَزِقَ بهِ كلُزُوقِ الشِّعَارِ من الثِّيَاب بالجَسَد ، وأَشْعَرَ الرَّجُلُ هَمًّا كذلك.
وكُلُّ ما أَلْزَقْتَه بشيْءٍ فقد أَشْعَرْتَه بهِ ، ومنه : أَشْعَرَه سِنَاناً ، كما سيأْتِي.
وأَشْعَرَ القَوْمُ : نادَوْا بشِعَارِهِمْ ، أَو أَشْعَرُوا ، إِذَا جعَلُوا لأَنْفُسِهِم في سَفَرِهِم شِعَاراً ، كلاهُما عن اللّحْيَانيّ.
وأَشْعَرَ البَدَنَةَ : أَعْلَمَهَا ، أَصْلُ الإِشْعَار : الإِعْلامِ ، ثم اصطُلِحَ على استعمالِه في معنًى آخَرَ ، فقالوا : أَشْعَرَ البَدَنَةَ ، إِذا جَعَلَ فيها عَلَامَةً وهو أَن يَشُقّ جِلْدَهَا ، أَو يَطْعَنَها في أَسْنِمَتِها في أَحَدِ الجانِبَيْنِ بمِبْضَعٍ أَو نَحْوِه ، قيل : طَعَنَ في سَنَامِها الأَيْمَن حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ ويُعْرَف أَنّها هَدْيٌ ، فهو استعارة مشهورة نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الحَقيقَةِ ، أَشار إِليه الشِّهَاب في العِنَايَة في أَثناءِ البَقَرة. والشَّعِيرَةُ : البَدَنَة المَهداة ، سُمِّيَتْ بذلك لأَنّه يُؤَثَّر فيها بالعَلَامَات.
ج شَعَائِرُ ، وأَنشد أَبو عُبَيْدَة :
نُقَتِّلُهُم جِيلاً فَجِيلاً تَراهُمُ |
شَعائِرَ قُرْبَانٍ بها يُتَقَرَّبُ |
والشَّعِيرَةُ : هَنَةٌ تُصاغُ من فِضَّةٍ أَو حَدِيدٍ على شَكْلِ الشَّعِيرَةِ تُدْخَل في السِّيلَانِ تَكُونُ مِسَاكاً لِنصَابِ النَّصْلِ والسِّكِّين. وأَشْعَرَها : جَعَلَ لها شَعِيرَةً ، هذِه عبارة المُحْكَم ، وأَمّا نَصُّ الصّحاح ، فإِنَّه قال : شَعِيرَةُ السِّكِّينِ : الحديدَةُ التي تُدْخَل في السِّيلانِ لتكون (٣) مِساكاً للنَّصْل.
وشِعَارُ الحَجِّ ، بالكسر : مَناسِكُه وعَلَامَاتُه وآثَارُه وأَعمالُه ، وكُلُّ ما جُعِلَ عَلَمَا لطاعَةِ اللهِ عزَّ وجَلّ ، كالوُقوفِ والطّوافِ والسَّعْيِ والرَّمْيِ والذَّبْحِ ، وغير ذلك.
والشَّعِيرَةُ والشَّعَارَةُ ، ضَبَطُوا هذه بالفتْح ، كما هو ظاهرُ المصَنّف ، وقيل : بالكَسْر ، وهكذا هو مضبوطٌ في نُسخةِ اللِّسَان ، وضَبطَه صاحبُ المِصْبَاح بالكسرِ أَيضاً ، والمَشْعَرُ ، بالفَتْح أَيضاً مُعْظَمُهَا ، هكذا في النسخ ، والصوابُ مَوْضِعُها ، أَي المناسك.
قال شيخُنا : والشَّعَائرُ صالِحَةٌ لأَن تكونَ جَمْعاً لشِعَارٍ وشِعَارَة ، وجَمْعُ المَشْعَرِ مَشَاعِرُ.
وفي الصّحاحِ : الشَّعَائِرُ : أَعمالُ الحَجِّ ، وكُلُّ ما جُعِل عَلَماً لطاعَةِ الله عزّ وجَلّ ، قال الأَصمَعِيّ : الوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ ، قال : وقال بعضُهُمْ : شِعَارَةٌ.
والمَشَاعِرُ : مَواضِعُ المَنَاسِكِ.
أَو شَعائِرُه : مَعالِمُه التي نَدَبَ الله إِلَيْهَا ، وأَمَرَ بالقِيَام بِهَا ، كالمَشاعِرِ ، وفي التنزيل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) (٤).
قال الفَرّاءُ : كانت العَرَبُ عامَّةً لا يَرَوْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ من الشَّعائِر ، ولا يَطُوفونَ بينُهما ، فأَنزَل الله تعالَى ذلِك ، أَي لا تسْتَحِلُّوا تَرْكَ ذلِك.
__________________
(١) بعدها في النهاية : إنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكونه أصابها شيء من دم الحيض ، وطهارة الثوب شرط في صحة الصلاة بخلاف النوم فيها.
(٢) عن التهذيب واللسان ، وبالأصل «إليهم».
(٣) عن الصحاح وبالأصل «فتكون».
(٤) سورة المائدة الآية ٢.