وقال الزَّجَّاجُ ـ في (شَعائِرِ اللهِ) ـ : يعْنِي بها جَميعَ مُتَعَبَّدَاتِه التي أَشْعَرَهَا الله ، أَي جَعَلَهَا أَعلاماً لنا ، وهي كلُّ ما كان من مَوْقِفٍ أَو مَسْعًى أَو ذَبْحٍ ، وإِنّما قيل : شَعائِرُ لكُلّ عَلَمٍ ممّا تُعُبِّدَ به ؛ لأَنّ قَوْلَهُمْ : شَعَرْتُ به : عَلِمْتُه ، فلهذا سُمِّيَتِ الأَعلامُ التي هي مُتَعَبَّداتُ الله تعالى شَعَائِرَ.
والمَشْعَرُ : المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِه ، ومنهُ سُمِّيَ المَشْعَرُ الحَرَامُ ، لأَنّه مَعْلَمٌ للعِبادَة ، ومَوْضع ، قال الأَزهَرِيّ : ويَقُولُون : هو المَشْعَرُ الحَرَامُ ، والمَشْعَرُ ، تُكْسَر مِيمُه ـ ولا يكادُون يَقُولُونَه بغير الأَلف واللام. قلت ونقَل شيخُنا عن الكامل : أَنّ أَبا السَّمَّالِ قرأَه بالكسْرِ ـ : مَوضِعٌ بالمُزْدَلِفَة ، وفي بعض النُّسخ : المُزْدَلِفَة ، وعليه شرح شيخِنَا ومُلّا عَلِيّ ، ولهذا اعتَرَضَ الأَخِيرُ في النّامُوس ، بأَنّ الظَّاهِر ، بل الصّواب ، أَنّ المَشْعَر مَوْضِعٌ خاصٌّ من المُزْدَلِفَة لا عَيْنَها ، كما تُوهِمُه عبارَةُ القامُوس ، انتهى ، وأَنتَ خَبِيرٌ بأَنّ النُسْخَة الصحيحةَ هي : بالمُزْدَلِفَة ، فلا تُوهِمُ ما ظَنّه ، وكذا قَوْلُ شيخِنا ـ عند قول المُصَنّف ؛ وعليهِ بِناءٌ اليَوْمَ ـ : ينافيه ، أي قوله : إِن المَشْعَرَ هو المُزْدَلِفة ، فإِنّ البِنَاءَ إِنّمَا هو في مَحَلٍّ منها ، كما ثَبَتَ بالتّواتُر ، انتهى ، وهو بناءً على ما في نُسْخَته التي شَرح عليها ، وقد تَقَدَّم أَن الصحيحةَ هي : بالمُزْدَلِفة ، فزالَ الإِشْكالُ.
ووَهِمَ من ظَنَّه جُبَيْلاً بقُرْبِ ذلك البِنَاءِ ، كَمَا ذَهَبَ إِليه صاحبُ المِصْباح وغيره ، فإِنه قَولٌ مَرْجُوحٌ.
قالَ صاحِبُ المِصْباح : المَشْعَرُ الحَرَامُ : جَبَلٌ بآخِرِ المُزْدَلِفَة ، واسمه قُزَحُ ، ميمه مفتوحة ، على المَشْهُور ، وبعضُهم يَكْسِرها ، على التّشْبِيه باسمِ الآلِةِ (١).
قال شيخُنا : ووُجِدَ بخطّ المُصَنِّف في هامش المِصباح : وقيلَ : المَشْعَرُ الحَرَامُ : ما بَيْنَ جَبَلَيْ مُزْدَلِفَةَ مِن مَأْزِمَيْ عَرَفةَ إِلى مُحَسِّرٍ ، وليس المَأْزِمانِ ولا مُحَسِّرٌ من المَشْعَر ، سُمِّي به لأَنَّه مَعْلَمٌ للعِبَادة ، وموضعٌ لها.
والأَشْعَرُ : ما اسْتَدَارَ بالحافِر من مُنْتَهَى الجِلْدِ ، حيثُ تَنْبُت الشَّعَيْرَات حَوالَيِ الحافِر ، والجمعُ أَشاعِرُ ؛ لأَنّه اسمٌ ، وأَشاعِرُ الفَرَسِ : ما بينَ حَافِرِه إِلى مُنْتَهَى شَعرِ أَرساغِه.
وأَشْعَرُ خُفِّ البعيرِ : حيثُ يَنْقَطِعُ الشَّعرُ.
والأَشْعَرُ : جانِبُ الفَرْجِ ، وقيل : الأَشْعَرَانِ : الإِسْكَتَانِ ، وقيل : هما ما يَلِي الشّفْرَيْنِ ، يقال لنَاحِيَتَيْ فَرْجِ المرأَةِ : الإِسْكَتانِ ، ولَطَرَفَيْهما : الشُّفْرانِ ، والَّذِي بينهما (٢) : الأَشْعَرَانِ.
وأَشاعِرُ النّاقَةِ : جَوانِبُ حَيَائِها ، كذا في اللّسان ، وفي الأَساس : يقال ما أَحْسَنَ ثُنَنَ أَشاعِرِه ، وهي منابِتُهَا حَوْلَ الحَافِر (٣).
والأَشْعَرُ ؛ شَيْءٌ يَخْرُج من (٤) ظِلْفَيِ الشّاةِ ، كأَنَّه ثُؤْلُولٌ ، تُكْوَى منه ، هذِه عن اللِّحْيَانِيّ.
والأَشْعَرُ : جَبَلٌ مُطِلٌّ على سَبُوحَةَ وحُنَيْن ، ويُذْكَر مع الأَبْيَض.
والأَشْعَرُ : جَبَلٌ آخَرُ لجُهَيْنَةَ بين الحَرَمَيْن ، يُذْكَر مع الأَجْرَدِ ، قلْت : ومن الأَخيرِ حَدِيثُ عَمْرِو بنِ مُرَّة : «حَتَّى أَضَاءَ لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ».
والأَشْعَرُ : اللَّحْمُ يَخْرُج تَحْتَ الظُّفُر ، ج : شُعُرٌ ، بِضَمَّتين.
والشَّعِيرُ ، كأَمِيرٍ ؛ م ، أَي معروف ، وهو جِنْسٌ من الحُبُوب ، واحِدَتُه بهاءٍ ، وبائِعُه شَعِيرِيٌّ ، قال سيبويِه : وليس مما بُنِيَ على فاعِلٍ ولا فَعَّالٍ ، كما يَغْلِب في هذا النَّحْوِ.
وأَمّا قَوْلُ بعضِهِم : شِعِيرٌ وبِعِيرٌ ورِغِيفٌ ، وما أَشبه ذلك ، لتَقْرِيبِ الصَّوْت ، ولا يكونُ هذا إِلّا مع حُروفِ الحَلْق.
وفي المِصْباح ؛ وأَهْلُ نَجْدٍ يُؤَنِّثُونَه ، وغيرُهم يُذَكِّرُه (٥) فيُقَال : هي الشَّعِيرُ ، وهو الشَّعِيرُ.
وفي شرْحِ شيخِنا قال عُمَرُ بنُ خَلَفِ بنِ مَكِّيّ : كلُّ فَعِيلٍ وَسَطُه حَرْفُ حَلْقٍ مكسور يَجُوزُ كسْرُ ما قَبْلَه أَو كَسْرُ فَائِهِ إِتباعاً للعَيْنِ في لُغةِ تَمِيمٍ ، كشِعِير ورِحِيم ورِغِيف وما
__________________
(١) في معجم البلدان قيدها بفتح الميم .. قال : «وقد روى عياض في ميمه الفتح والسكر ، والصحيح الفتح».
(٢) في التهذيب : وللذي يليهما الأشعران.
(٣) الأساس : حول الحوافر.
(٤) التهذيب : بين.
(٥) عن المصباح ، وبالأصل «يذكرونه».