فَلْيَرْحَمْنِي ، أَي فَلْيَرِقَّ لي ، أَو ليَعْتَبِرْ بي ، أَو المراد منه الدُّعاءُ لها بالرَّحْمَةِ ، كما هو مطلوب من المتأَخِّر للمُتَقَدِّم ، فإِن كانت مُسلمةً فنسأَل الله لها الرحمةَ الواسعة ، حتى تَنْسَى جَوْعَتَهَا ، قاله شيخنا ، وأَيَّةُ امْرَأَةٍ لَبِسَتْ حَلْياً من حُلِيِّى فلا ماتَتْ إِلّا مِيْتَتِي. إِلى هنا تَمامُ القِصّةِ التي فِيهَا عِبْرَةٌ لأُولى الأَبصارِ ، واعتبارٌ لذَوِي الأَفكار.
ويَقْرُبُ من هذه الحكاية ما نقله السّيوطي في حُسْنِ المُحَاضَرَةِ في غَلاءِ سنَةَ ستين وأَربعمائة نَقْلاً عن صاحِب المرآة ، أَن امرأَةً خرجَتْ من القَاهِرَةِ ومعَها مُدُّ جَوْهرٍ ، فقالت : مَنْ يأْخُذُه بمُدِّ قَمْح؟ فلم يَلْتَفِتْ إِلَيها أَحدٌ ، وكان هذا الغَلاءُ لم يُسْمَع بمثْلِهِ في الدُّهُورِ من عَهْدِ سَيِّدنا يُوسُفَ الصِّدّيقِ عليهالسلام ، اشتَدّ القَحْطُ والوَبَاءُ سبْعَ سِنِينَ مُتواليةً ، نسأَل الله تعالى العَفْوَ والسَّماحَ.
وفي حديثِ كُرْزٍ الفِهْرِيّ لما أَغار على سَرْحِ المَدِينَةِ : «كان يَرْعَى بشُفَرَ» كزُفَرَ ، جَبَل بمَكَّةَ (١) ، هكذا في النُّسخ ، والصواب : بالمَدِينَة ، في الأَصْلِ حِمَى أُمِّ خَالِدٍ ، يَهْبِطُ إِلى بَطْنِ العَقِيقِ ، والظّاهِر أَنّ هُنَا سَقطَ عِبارة ، وصوابُه : وكزُفَرَ : جَبَلٌ بالمدينة ، وبالفَتْح (٢) : جَبَلٌ بمكَّةَ ، ومثْله في التكملة (٢).
وشَفَّرَهَا تَشْفِيراً : جامَعَها على شُفْرِ فَرْجِها.
* ومما يستدرك عليه :
شُفْرُ الرَّحِمِ وشَافِرُها : حُرُوفُها.
وشُفْرَا المَرْأَةِ ، وشَافِراها : حَرْفَا رَحِمها.
وعن ابن الأَعرابيّ : شَفَرَ ، إِذَا آذَى إِنْساناً.
والشافِرُ : المُهْلِكُ لمالِه ، كذا في التكملة.
وفي المَثَل : «أَصْغَرُ القَوْمِ شَفْرَتُهُم» ، أَي خادِمُهُم ، وهو مَجاز ، وفي الحديث : «أَنّ أَنَساً كان شَفْرَةَ القَوْمِ في السَّفَرِ» ، معناه أَنّه كان خادِمَهُم الذي يَكْفِيهِم مَهْنَتَهُم ، شُبِّهَ بالشَّفْرَةِ التي تُمْتَهَنُ في قَطْعِ اللَّحْمِ وغيره ، كذا في اللسان. وفي المُغْرِب : ويَرْبُوعٌ شُفَارِيّ : على أُذُنِه شَعرٌ ، كذا في الصّحاح (٣).
وقيل : لليَرْبُوعِ الشُّفارِيّ ظُفُرٌ في وَسَطِ ساقِه.
والمِشْفَرُ : الفَرْجُ ، نقله شيخُنَا عن رَوضِ السُّهَيْلِيّ ، واستدركه ، وهو غريب.
والشَّفّارُ ، ككَتَّانٍ : صاحِبُ الشَّفْرَةِ.
من المَجَازِ قولُهُم : ما تَرَكَت السَّنَةُ شَفْراً ولا ظَفْراً (٤) أَي شَيْئاً ، وقد فَتَحُوا شَفْراً ، وقالوا ظَفْراً بالفَتْح ، على الإِتباع ، كذا في الأَساس.
والمِشْفَرُ : أَرْضٌ من بلادِ عَدِيٍّ وتَيْمٍ ، قال الرّاعِي :
فَلمَّا هَبَطْنَ المِشْفَرَ العَوْدَ عَرَّسَتْ |
بحَيْثُ الْتَقَتْ أَجْرَاعُه وَمَشَارِقُهْ (٥) |
ويُرْوَى مِشْفَر العَوْدِ ، وهو أَيضاً اسمُ أَرْضٍ.
وقال ابنُ دُرَيْد : شَفَار ، كسَحَابٍ وقَطَامِ : موضعٌ.
وشَفَّرْتُ الشْيءَ تَشْفِيراً : استَأْصَلْتُه.
وأَشْفَرَ البَعِيرُ : اجتهدَ في العَدْوِ ، هكذا في التكملة ، ولعله أَسْفَرَ ، وقد تَقَدّم.
وأَبو مِشْفَرٍ من كُنَى المَوْتَانِ.
وشَفَرَاءُ ، محرَّكةً ممدوداً : موضع (٦) ، وقيل بسكون الفاءِ.
[شفتر] : الشَّفْتَرَةُ ، أَهملَه الجوهريّ هنا ، وذكرَه في آخِرِ تركيب ش ف ر. ولم يُفْرِد له تَركيباً ، قال الصّاغانيّ : وليس أَحدُ التركيبين من الآخرِ في شيْءٍ ، والشَّفْتَرَةُ : التَّفَرُّقُ ، قال الليث : اشْفَتَرَّ الشيْءُ اشْفِتْراراً ، والاسم الشَّفْتَرَةُ ، وهو تَفَرُّقٌ كتَفَرُّقِ الجَرَادِ كالاشْفِتْرَارِ.
واشْفَتَرَّ العُودُ : تكَسَّرَ ، أَنشد ابنُ الأَعرابِيّ :
يُبَادِرُ الضَّيْفَ بعُودٍ مُشْفَتِّرْ
__________________
(١) في معجم البلدان : شفر بوزن زفر ؛ يجوز أن يكون جمع شفير الوادي أو شفرة السيف على غير قياس لأن قياس فُعْلة نحو بُرْقَة وبُرَق أو فُعَلَة وفُعَل نحو تُخَمة وتُخَم : وهو جبل بالمدينة.
(٢) في معجم البلدان : بفتح أوله وسكون ثانية ثم راء.
(٣) في الصحاح : على أذنيه.
(٤) عن الأساس ، وبالأصل : «ظفراً ولا شفراً».
(٥) ديوانه ص ١٨٩ وانظر فيه تخريجه. «ومشارقه» عن الديوان وبالأصل «ومشارفه» بالفاء. وفي الديوان «أجزاعه» بالزاي.
(٦) في معجم البلدان : موضع بحِضْوَة من بلاد اليمن.