والجَسَدُ (٣) ، والعَيْنُ (٤) ، والعِنْدُ (٥) ، والحَقِيقَةُ (٦) ، وعَيْنُ الشَّيْءِ (٧) ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ (٨) ، والعَظَمَةُ (٩) ، والعِزَّةُ (١٠) ، والهِمَّةُ (١١) ، والأَنَفَةُ (١٢) ، والغَيْبُ (١٣) ، والإِرادَةُ (١٤) ، والعُقُوبَةُ (١٥). ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوَّلَ ، والثّانِيَ ، والثالثَ ، والرّابعَ ، والسابعَ ، والثامَن ، وما زدْناه على المُصَنِّف ، رحِمَه الله ، فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه. وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ.
والنَّفَسٌ ، بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ ، وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ. ويُرَادُ به السَّعَةُ ، يُقَال : أَنْتَ فِي نَفَسٍ مِن أَمْرِك ، أَي سَعَةٍ ، قاله الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، وقال اللَّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ ، أَي مُتَّسَعاً وَفَضْلاً. ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ ، أَي مُتَّسَعٌ.
والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ ، يقال : اعْمَلْ وأَنْتَ في نَفْسٍ ، أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ ، قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ.
وفي الصَّحاح : النَّفسُ : الجَرْعَةُ ، يُقَال : اكْرَعْ من الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ ، أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه.
والجَمْع : أَنْفَاسٌ ، كَسَببٍ وأَسْبَابٍ ، قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا |
|
بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِ |
انتَهَى. قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ.
وذلك لأَن النَّفَسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ ، يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقِصَره ، حتّىً إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءَ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ. ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ. والله تَعَالَى أَعْلَم.
وعن ابن الأَعْرَابيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ ، وسيأْتي أَيْضاً قريباً.
والنَّفَسُ : الطَّويلِ من الكَلام ، وقد تَنَفَّسَ. ومنه حديث عَمَّارٍ : «لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ ، فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ» ، أَي أَطَلْت. وأَصْله : أَنَّ المُتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ استأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة. وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت (١) كِتَاباً نَفَساً ، أَي طِويلاً.
وفي قَوْله صلىاللهعليهوسلم : «ولا تَسُبُّوا الرِّيح» ، والوَاو زائدة ، وليست في لَفْظ الحَديث ، «فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن». وكذا قوله صلىاللهعليهوسلم : أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ ، وفي رِواية : «نَفَسَ الرَّحْمن» وفي أُخْرَى : «إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن» قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفَّسُ تَنْفيساً ونفَساً ، أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً ، كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ. وإِنَّ الرِّيحَ مِن تنفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ (٢) ، فالتَّفْرِيج : مَصْدَرٌ حقيقيٌّ ، والفَرَجُ ، اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ ، والمَعْنَى : أَنَّهَا ، أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ ، وتُنْشِءُ السَّحابَ ، وتَنْشُرُ الغَيْثَ ، وتُذْهِبُ الجَدْبَ ، قال القُتَيْبِيُّ (٣) : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلْوَانُهُم ، فسأَلْتُهُم عن ذلك ، فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنارِيحٌ. وقولُه في الحَدِيثِ : «مِن قِبَل اليَمَن» لمُرَادُ والله أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صلىاللهعليهوسلم منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهُم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصَارَ ، وهم من الأَزْد ، والأَزْدُ من اليَمَن ، من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له ، والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه (٤) المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف ، فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها ، أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوحُ إِليه ، أَو من نَفَس الرَّوْضة ، وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه.
ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ ، قالَه ابنُ الأَعْرَابيّ ، وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعَةِ والرِّيِّ ، فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ، ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ ، وهو قوله : ومن المَجازِ : يقال : شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطَّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ ، إِذا ذاقَه ذائق لم يَتَنَفَّسْ فِيه ، وإِنَّمَا هي الشَّرْبَة الأولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ، ثُمَّ لا يَعُودُ له ، قال الرَّاعِي ويُرْوَى لأبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :
وشَرْبَة مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ |
|
في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وهَّاج |
__________________
(١) في القاموس : «كتب» وما بالأصل يوافق التهذيب.
(٢) في التهذيب زيد : وتفريجه عن الملهوفين.
(٣) في النهاية واللسان : العتبي.
(٤) في النهاية واللسان : يردّه التنفس.