من أَكْل المِحْوَرِ فتُثْقَبُ خُشَيْبَةٌ في وسَطِهَا وتُلْقَمُ ذلك الثُّقْبَ المُتَّسِعَ ، وتلك الخَشَبَةُ نِخَاسٌ ونِخَاسَةٌ ، بكسرِهما كذا هو نَصُّ الصّحاح ، مع تَغْيِيرٍ يسيرٍ ، ولم يَذكُرِ النِّخاسَةَ ، وإِنّمَا ذَكرها اللَّيْثُ ، وأَنْشد الجوهريّ للراجز :
دُرْنَا ودَارَتْ بَكْرَةٌ نَخِيسُ
وآخِرُه :
لا ضَيْقَهُ المَجْرَى ولا مَرُوسُ
قالَ : وسَأَلتُ أَعرابيًّا مِن بَنِي تَمِيمٍ ، بنَجْدٍ ، وهو يَسْتَقِي وبَكَرَتُه نَخِيسٌ ، فوضَعْتُ إِصْبَعِي على النِّخَاسِ فقُلْتُ : مَا هذَا؟ وأَرَدْتُ أَنْ أَتَعَرَّفَ منه الخاءَ والحَاءَ ، فقال : نِخَاسٌ.
بالمُعْجَمة ، فقُلْتُ : أَلَيْس قال الشاعِر :
وَبكْرَةٍ نِحَاسُهَا نُحَاسُ
فقال : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ).
وقد نَخَسَ البَكَرَةَ ، كجَعَلَ وضَرَبَ ، وعلى الأَوّلِ اقْتصَر الجَوْهَرِيُّ يَنْخِسُهَا ويَنْخَسُهَا نَخْساً ، فهي مَنْخُوسَةٌ ونَخِيسٌ.
وقال أَبُو زَيْدٍ : إِذا اتَّسَعَتِ البَكَرةُ واتَّسَع (١) خَرْقُهَا عنها ، قيل : أَخَقَّتْ إِخْقاقاً فانْخِسُوهَا نَخْساً ، وهو أَنْ يُسَدَّ ما اتَّسَع منها بخَشَبةٍ أَو حَجَرٍ غيرِه (٢).
والنَّخِسَةُ : لَبَنُ العَنْزِ والنَّعْجَةِ يُخْلَطُ بَيْنَهُمَا ، عن أَبِي زَيْدِ ، حكاهُ عنه يَعْقُوبُ ، هكذا فِي الصّحَاحِ.
وقالَ غيرُه : لَبَنُ المَعْزِ والضَّأْنِ يُخْلَطُ بَيْنَهما ، وهو أَيْضاً لَبَنُ النّاقَةِ يُخْلَطُ بلَبَنِ الشّاةِ ، وفي الحَدِيثِ : «إِذا صُبَّ لَبَنُ الضَأْنِ على لَبَنِ الماعِزِ فهو النَّخِيسَةُ» وكذَا الحُلْوُ والحامِضُ إِذا خُلِطَ بَيْنَهُما فهو النَّخِيسَةُ ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو.
ونُخِسَ لَحْمُه ، كعُنِيَ : قَلَّ ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
قلْت : وفي الصّحاح في «ب خ س» : ويقال : نَخَّسَ المُخُّ تَنْخِيساً : بمَعْنَى بَخَّسَ ، أَي نَقَصَ ولم يَبْقَ إِلاّ في السُّلامَى والعَيْنِ ، يُرْوَى بالباءِ والنُّونِ ومثلُه بخَطِّ أَبي سَهْل.
ومن المجازِ : يُقَال : هُو ابْنُ نِخْسَةٍ بالكَسْرِ أَي ابنُ زِنْيَةٍ وفي التَّكْمِلَة مضبوطٌ بالفَتْح (٣) ، قال الشَّمَّاخُ :
أَنَا الجِحَاشيُّ شَمَّاخٌ ولَيْس أَبي |
|
بنِخْسةٍ لدَعِيٍّ غَيْرِ مَوْجُودِ |
ومِن المجاز : الغُدْرَانُ تَنَاخَسُ ، أَي يَصُبُّ بَعْضُهَا في بَعْضٍ ، قالَه أَبو سَعِيد : كَأَنَّ الوَاحِدَ يَنْخُسُ الآخَرَ ويَدْفَعُه ، ومنه الحَدِيثُ : «أَنَّ قادِماً قَدِمَ فسَأَلَ عن خِصْب البِلادِ ، فحَدَّثه أَنَّ سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّ لهَا الأَرْضُ ، وفيهَا غُدُرٌ تَنَاخَسٌ» وأَصْلُ النَّخْسِ : الدَّفْعُ والحَرَكَةُ ، ونَصُّ الأَزْهَريّ :كتَنَاخُس الغَنَمِ إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ ، فاسْتَدْفأَ بَعْضُها ببَعْضٍ.
ومِثْلُه للصّاغَانِيّ ، وزاد الزَّمَخْشَرِيُّ : كقولِهم : الأَمْواجُ تَنَاطَحُ.
وفي العُبابِ : والتَّرْكيبُ يَدُلُّ على تَرْكِ شَىْءِ ، وقد شَذَّتِ النَّخِيسَةُ عن هذا التَّرْكيب.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
نَخَسَ الدّابَّةَ ، مِن حَدِّ ضَرَبَ ، عن اللِّحْيَانِيِّ.
وفَرَسٌ مَنْخُوسٌ : به دائِرَةٌ النَّاخِسِ.
ونِخَاسَا البَيْتِ : عَمُودَاهُ ، وهُمَا في الرُّوَاقِ من جَانِبَيِ الأَعْمِدَة ، والجَمْع : نُخُسٌ.
والنَّخِيسَةُ : الزُّبْدَةُ.
وأَنْخَسَ به : أَبْعَدَه ، وهو مَجَازٌ. وتَكلَّم فنَخَسُوا به ، مَجَازٌ أَيضاً.
والنَّخَّاسُ ، كَشدَّادٍ : عَلَمُ جَمَاعَةٍ من المُحَدِّثِينَ ، أَوْرَدَهُم الحافِظ في التَّبْصِيرِ.
ونُوخَسُ ، بضَمّ فسُكُون : قَريَةٌ من رُسْتَاقِ بُخَارَى.
[ندس] : النَّدْس : الطَّعْنُ ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لجَرِيرٍ :
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بِالقَنَا |
|
ومارَ دَمٌ مِنْ جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ (٤) |
وقيل : نَدَسَهُ نَدْساً : طَعَنه طَعْناً خَفِيفاً ، وقد يكونُ النَّدْسُ الطَّعْنَ بالرِّجْلِ ، ومنه حديثُ أَبِي هُرَيْرةَ رضِيَ الله تَعالَى عنه : «أَنَّه دَخَل المَسْجِدَ وهو يَنْدُسُ الأَرْضَ برِجْلِه» أَي يَضْرِبُ بِها.
__________________
(١) في التهذيب : أو اتسع.
(٢) التهذيب : أو بحجرٍ أو بغيره.
(٣) وضبطت أيضاً اللفظتان بالفتح في التهذيب واللسان.
(٤) عن الديوان والصحاح ، وبالأصل «نافع».