وبَيْضَةُ البَلَدِ : الفَقْعُ ، كما في العبابِ ، وفي الأَسَاس : هي الكَمْأَةُ. ومن المَجَاز قوْلُهُم في المَثل : كَانُوا بَيْضَةَ العُقْرِ ، للمَرَّة الأَخِيرَة ، نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيّ. وقال اللّيْثُ يَبِيضُهَا الدِّيكُ مَرَّةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ لا يَعُودُ. يُضْرَبُ لِمَنْ يَصْنَع الصَّنِيعَةَ ثُمَّ لا يَعُودُ لَهَا. وقيل : بَيْضَةُ العُقْرِ : أَن تُغْصَبَ (١) الجَارِيَةُ نَفْسُهَا فتُقْتَضَّ فتُجَرَّبَ بِبَيْضَةٍ ، وتُسَمَّى تلك البَيْضَةُ بَيْضَةَ العُقْرِ ، وقد تقدّم في «ع ق ر».
ومن المَجَازِ : بَيْضَةُ الخِدْرِ : جَارِيَتُهُ ، لِأَنَّهَا في خِدْرهَا مَكْنُونَةٌ. وفي البَصَائِر : وكُنِيَ عَنِ المَرْأَةِ بِالبَيْضَةِ تَشبِيهاً بِهَا في اللَّوْنِ ، وفي كَوْنِهَا مَصُونَةً تَحْتَ الجَنَاحِ ، ويُقَال : هِيَ من بَيْضَاتِ الحِجَالِ. وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيّ لامْرِئِ القيْس :
وبَيْضَةِ خِدْر لا يُرَامُ خِبَاؤُهَا |
|
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غيْرَ مُعْجَلِ |
والبَيْضَتَانِ ، بالفَتْحِ ، ويُكْسَرُ ، وبهما رُوِيَ قَوْلُ الأَخْطَل :
فَهْوَ بها سَيِّيءٌ ظَنًّا وليْسَ لَهُ |
|
بِالْبَيْضَتَيْنِ ولا بالغَيْضِ مُدَّخَرُ |
وهو ع على طَرِيقِ الشَّامِ من الكُوفَة. وقال أَبو عَمْرو : هو بالفَتْح ، فَوْقَ زُبَالَةَ. وقال غيْرُه : هو ما حَوْلَ البَحْرَيْنِ من البَرِّيِّة ، ورَوَاهُ بالكَسْر. وأَمَّا قولُ جرير (٢) :
قَعِيدَكُمَا الله الَّذِي أَنْتُمَا له |
|
أَلمْ تَسْمَعَا بِالْبَيْضَتَيْنِ المُنَادِيَا |
فإِنَّهُ أَرادَ بِهِمَا المَوْضِعَ الَّذِي بالحَزْنِ لِبَنِي يَرْبُوعٍ ، والذِي بالصَّمَّان لِبَنِي دَارِمٍ. وقد رُوِيَ فِيهِمَا الفَتْحُ والكَسْرُ ، كما تَقَدَّم. وهُناكَ قولٌ آخَرُ ، يُقَالَ لِمَا بَيْنَ العُذيْبِ ووَاقِصَةَ بأَرْضِ الحَزْنِ من دِيارِ بَنِي يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ : بَيْضَةٌ.
والْبِيضَةُ ، بالكَسْرِ : الأَرْضُ البَيْضَاءُ المَلْسَاءُ. قال رُؤْبَةُ :
يَنْشَقُّ عَنِّي الحَزْنُ والبِرِّيتُ |
|
والْبِيضَةُ البَيْضَاءُ والخُبُوتُ |
هكذا رَوَاه شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ بكَسْرِ البَاءِ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : البِيضَةُ : لَوْنٌ من التَّمْرِ ، ج البِيضُ ، بالكَسْرِ أَيضاً.
ومن المَجَازِ قَوْلُهُم : سَدَّ ابْن بِيضٍ الطَّرِيقَ ، بالكَسْر ، وقد يُفْتَح ، كما هُوَ في الصّحاح (٣). ووجدتُ في هَامِشِه بخَطّ أَبِي زَكَريّا ، قال أَبُو سَهْلٍ الهَرَوِيّ : هكذا رأَيْتُ بخَطّ الجَوْهَرِيّ بفَتْحِ البَاءِ. وكذَا رَوَاهُ خَالُه أَبُو إِبْرَاهِيمَ الفَارَابِيّ في دِيوَانٍ الأَدَبِ. أو هو وَهَمٌ للجَوْهَرِيّ ، قال أَبو سَهْلٍ : والَّذِي قَرَأْتُهُ على شيخَنا أَبِي أُسَامَةَ ، بكَسْرِ البَاءِ ، وهكذا رَأَيْتُه بخَطِّ جَمَاعَةٍ من العُلَمَاءِ باللُّغَة ، بكَسْرِ البَاءِ ، وهكذا نَقَلَه ابنُ العَدِيم في تَارِيخ حَلَب. قُلْتُ : والصَّوابُ أَنَّه بالكَسْرِ والفَتْح ، كما نَقَلَه الصَّاغَانِيّ وغَيْرُه ، وبِهِمَا رُوِيَ قَوْلُ عَمْرِو بنِ الأَسْوَد الطُّهَوِيّ :
سَدَدْنَا كما سَدَّ ابنُ بَيضٍ طَرِيقَهُ |
|
فلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مَطْلَعَا |
وكذا قَوْل عَوْفِ بنِ الأَحْوَصِ العَامِرِيّ :
سَدَدْنَا كما سَدَّ ابُن بَيْضٍ فلم يَكُن |
|
سِوَاهَا لِذِي الأَحْلَامِ قَوْمِيَ مَذْهَبُ |
والجَوْهَرِيّ لم يُصَرِّح بالفَتْح ولا بالكَسْر ، وإِنَّمَا هو ضَبْط قَلَمٍ ، فَلا يُنْسَب إِليه الوَهَمُ في مِثْل ذلِكَ ، على أَنَّ له أُسْوَةً بخَاله ، وكَفَى به قُدْوَةً. وأَمّا ابنُ بَرِّيّ فقد اخْتَلَفَ النَّقْلُ عنه في التَّعْقِيب. وقال رَضِيُّ الدينِ الشّاطِبِيّ على حَاشِيَة الأَمَالي لابْنِ بَرِّيّ ما نَصُّه : وأبو مُحَمَّد ، رَحِمَهُ الله ، حَمَلَ الفَتْحَ في بَاءِ الشَّاعِر على فَتْح البَاءِ في صَاحِبِ المَثَل ، فعَطَفَه عَليه ، أَيْ أَنَّ الشَّاعِرَ الذِي هو حَمزَةُ بنُ بِيضٍ ، وسَيَأْتي ذِكْرُه بكَسْرِ الباءِ لَا غيْر ، فَتَأَمَّلْ : تَاجِرٌ مُكْثِرٌ من عَادٍ ، كَذَا نَصُّ المُحِيط. وقال ابنُ القَطَّاعِ : أَخبَرنَا أَبُو بَكْرٍ اللُّغَوِيُّ ، أَخبَرَنا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيّ ، أَخبَرنَا أَبو نَصْرٍ الجَوْهَرِيّ ، قال : قال الأَصْمَعِيُّ : ابنُ بَيْضٍ
__________________
حسان : أن سفل الناس عزوا بعد ذلّتهم وكثروا بعد قلّتهم ، وابن الفريعة الذي كان ذا ثورة وثراء عز أخّر عن قديم شرفه وسودده واستُبدّ بامضاء الأمور دونه ودون ولده ، فهو بمنزلة بيضة البلد التي تبيضها النعامة ثم تتركها بالفلاة فلا تحضنها فتبقى تريكة بالفلاة لا تُصان ولا تُحضن.
(١) في التهذيب : أن تُغتصب الجارية فتُقْتَضّ.
(٢) كذا بالأصل ، والبيت في معجم البلدان منسوباً للفرزدق والبيت في ديوان الفرزدق ٢ / ٣٦٠ من قصيدة هجا بها جريراً والبعيث ومطلعها :
ألم تر أني يوم جوّ سويقة |
|
بكيت فنادتني هنيدة ماليا |
(٣) ضبط في الصحاح بالقلم بكسر الباء.