والْبَيْضَةُ : ع بالصَّمَّان لِبَنِي دَارِم ، قالَه ابنُ حَبِيب.
قُلتُ : وهُوَ دَارِمُ بنُ مَالِكِ بن حَنْظَلَة ، ويُكْسَرُ (١). وقال أَبو سَعِيد : يُقَال : لِمَا بَيْنَ العُذَيْبِ والعَقَبةِ : البَيْضَةُ ، وبَعْدَ البَيْضَةِ البَسِيطَةُ ، كَذَا نَصُّ العُبَابِ.
وفي الصّحاح : بِيضَةُ ، بالكَسْر : اسمُ بَلْدَةٍ. قال الصَّاغَانِيّ : هي بالحَزْنِ لبَني يَرْبوع. قُلْتُ : وفي المُعْجَم : المُصْعِد إِلى مَكَّة يَنْهَضُ في أَوَّلِ الحَزْنِ من العُذَيْبِ في أَرْضٍ يُقَال لها البِيضَة حَتَّى يَبْلُغَ مَرْحَلَةَ العَقَبَةِ في أَرْضٍ يُقَال لها : البَسِيطَةُ ، ثمّ يَقَع في القَاعِ ، وهو سَهْلٌ ، ويقال : زُبَالَةُ أَسْهَلُ مِنه.
وبَيْضَةُ النَّهَارِ : بَيَاضُهُ ، يُقال : أَتَيْتُه في بَيْضَةِ النَّهَارِ.
ومن المجاز قَولُهم : هو أَذَلُّ مِنْ بَيْضَةِ البَلَدِ ، أَي من بَيْضَةِ النَّعَامِ ، وهي التَّرِيكَةُ الَّتِي تَتْرُكُهَا في الفَلَاةِ فلا تَحْضُنُهَا ، وهو ذَمٌّ. وأَنْشد ثَعْلَبٌ للرَّاعي يَهْجُو ابنَ الرِّقَاع العَامِلِيّ :
لَوْ كُنْتَ من أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمُ |
|
يابْنَ الرِّقَاعِ ولكِنْ لَسْتَ من أَحَدِ |
تَأْبَى قُضاعَةُ لَمْ تَعْرِفْ لَكُم نَسَباً |
|
وابْنَا نِزَارٍ فأَنْتُم بَيْضَةُ البَلَدِ (٢) |
أَرادَ أَنَّه لا نَسَب له ولا عَشِيرَةَ تَحْمِيه.
وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِشَاعِرٍ. قال ابن بَرِّيّ : هو صِنَّان بنُ عَبّادٍ اليَشْكُريّ :
لو كانَ حَوْضَ حِمَارٍ ما شَرِبْتُ بِهِ |
|
إِلاَّ بإِذْنِ حِمَارٍ آخِرَ الأَبَدِ |
لكِنَّه حَوضُ مَنْ أَوْدَى بِإِخْوَتِهِ |
|
رَيْبُ المَنُون فَأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ (٣) |
أَي أَمْسَى ذَلِيلاً كهذِه البَيْضَةِ الَّتِي فَارَقَهَا الفَرْخُ فَرَمَى بِهَا الظَّلِيمُ فدِيسَتْ ، فلا أَذَلَّ منْهَا. وقال كُرَاع : الشِّعْر للمُتَلَمِّس. وقال المَرْزُبَانِيّ : إِن الشّعرَ لِثَوْرٍ بن الفَّار اليَشْكُرِيّ.
ويقال أَيْضاً : هُو بَيْضَةُ البَلَدِ ، إِذا مَدَحُوهُ وَوَصَفُوه بالتَّفَرُّدِ ، أَي وَاحِدُه الَّذِي يُجْتَمَع إِليْه ويُقبَلُ قَوْلُه.
وأَنْشَدَ أَبُو العَبّاس لِامْرَاةٍ من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ تَرْثي عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ ، وتَذْكُر قَتْل عَليٍّ إِيّاه :
لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غيْرَ قَاتِلِه |
|
بَكيْتُهُ ما أَقَامَ الرُّوحُ في جَسَدي |
لكِنَّ قاتِلَه مَنْ لا يُعَابُ بِهِ |
|
وكَانَ يُدْعَى قَدِيماً بَيْضَةَ البَلَدِ |
أَي أَنَّهُ فَرْدٌ ليْسَ أَحَدٌ مِثْلَهُ في الشَّرَفِ ، كالْبَيْضَةِ الّتي هي تَرِيكَةٌ وَحْدَهَا ليْسَ مَعَهَا غيْرُهَا.
قال الصَّاغَانِيّ : قائلة هذا الشِّعر هي أُخْتُ عمْرِو بن عبْد وُدّ.
وإِذَا ذُمَّ الرَّجُلُ فقِيلَ هُوَ بَيْضَةُ البَلَدِ ، أَرادُوا هو مُنْفَرِدٌ لا نَاصرَ له بمَنْزلَةِ بَيْضَةٍ قَام عَنْهَا الظَّلِيم وتَرَكَهَا لا خيْرَ فِيهَا ولا مَنْفَعَة ، ضِدٌّ.
ذَكَرَهُ أَبو حَاتِمٍ في كتَابِ الأَضْدَادِ. وكَذَا أَبو الطَّيّب اللُّغَويّ في كتاب الأَضْدَادِ. وسُئِلَ ابنُ الأَعْرَابِيّ عَن ذلِكَ (٤) فقَال : إِذا مُدِحَ بها فهي الَّتِي فيهَا الفَرْخُ ، لأَنَّ الظَّليم حِينئِذٍ يَصُونُهَا ، وإِذا ذُمَّ بِها فهي الَّتي قد خَرَج الفَرْخُ عَنْهَا ورَمَى بها الظَّلِيمُ فَدَاسَهَا النَّاسُ والإِبِلُ ، وهكذا نَقَلَه أَبو عَمْرٍو عن أَبِي العَبَّاسِ أَيْضاً. وقال أَبُو بَكْرٍ : قولُهم : فُلانٌ بَيْضَةُ البَلَدِ ، هو من الأَضْدادِ ، يَكُونُ مَدْحاً ، ويكون ذَمّاً. قُلْتُ : وأَما قَوْلُ حَسّانَ في نَفْسِه :
أَمْسَى الخَلابيسُ (٥) قَدْ عَزُّوا وقَدْ كَثُرُوا. |
|
وابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ |
فقال أَبو حَاتم : هو مَدْح. وأَبَاه الأَزْهَرِيُّ وقال : بَلْ هُوَ ذَمُّ ، انْظُرْه في التَّهْذِيب (٦).
__________________
(١) نقل ياقوت عن نصر وأبي محمد الأعرابي الأسود أنها بالفتح.
(٢) البيتان في الديوان ص ٧٩ وانظر تخريجهما فيه. وفي الديوان : «أن تعرفْ» بدل «لم تعرف» ومثله في التهذيب وقال الأزهري : كان وجه الكلام : أن تعرفَ ، فسكن الفاء لحاجته إلى الحركة مع كثرة الحركات.
(٣) البيت في التهذيب ونسبه للملتمس ، قاله في موضع الذم ، وعجزه فيه :
ريب الزمان فأضحى بيضة البلدِ
(٤) يعني عن المراد بقوله : بيضة البلد.
(٥) في التهذيب واللسان : «أرى الجلابيب» قال : أراد بالجلابيب : سفل الناس وعثراءهم.
(٦) عبارة التهذيب : «قلت : وليس ما قاله أبو حاتم بجيد ومعنى قول