حَدِيث عَطاءٍ ، وقيل : هو العُصْفُر الذي يُجعَل في الطَّبْخ ، وقيل : هو حَبُّ العُصْفُرِ ، قال الرَّاجِزُ :
أَرَّقَ عَيْنَيْكَ عَن الغُمُوضِ |
|
بَرْقٌ سَرَى في عَارِضٍ نَهُوضِ |
مُلْتَهِبُ كَلَهَبِ الْإِحْرِيض |
|
يُزْجِي خَرَاطِيمَ غَمَامٍ بِيضٍ |
وحَرِضَ ، كفَرِحَ : لَقَطَهُ. وحَرِضَ الرَّجُلُ : فَسَدَتْ مَعِدَتُهُ ، فهو حَرِضٌ.
وأَحْرَضَه الحُبُّ : أَفْسَدَه ، قاله أَبو عُبَيْدَة ، وأَنْشَدَ للعَرْجِيّ :
إِنّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فأَحْرَضَنِي |
|
حَتَّى بَلِيتُ وحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ |
أَي أَذَابَنِي ، كما في الصّحاح.
ويُقَالُ : أَحْرَضَه المَرَضُ ، فهو حَرِضٌ ، وحارِضٌ ، إِذَا أَفْسَدَ بَدَنَهُ ، وأَشْفَى على الهَلاكِ ، وهو مَجَازٌ.
وأَحْرَضَ فُلانٌ وَلَدَ سَوْءٍ ، نقله الجَوْهَرِيّ.
وحَرَّضَهُ تَحْرِيضاً : حَثَّه على القِتَالِ وأَحْمَاهُ عَلَيْه ، كما في الصّحاح. وقال ابنُ سِيَده : التَّحْرِيضُ : التَّحْضِيضُ.
قال الله تَعَالَى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) حَرِّضِ (الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) (١). وقال الزَّجَّاجُ : تَأْوِيلُه حُثَّهُمْ على القِتَالِ. قال : وتَأْوِيلُ التَّحْرِيضِ في اللُّغَةِ : أَن تَحُثَّ الإِنْسَانَ حَثًّا يعْلَمُ منه (٢) أَنَّه حَارِضٌ إِن تَخَلَّفَ عَنْه. قال : والحَارِضُ : الَّذِي قَدْ قَارَبَ الهَلَاكَ.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : حَرَّضَ زَيْدٌ : شَغَلَ بِضَاعَتَه في الحُرْضِ ، أَي الأُشْنَانِ. وقال أَيضاً : حَرَّضَ ثَوْبَهُ ، إِذا صَبَغَهُ بالْإِحْرِيضِ ، أَي العُصْفُر.
وحَرَضَ الثّوْبُ إِذا بَلِيَ حَرَضُهُ ، وهو حاشِيَتُه وطُرَّتُهُ وصَنِفَته. مُقْتَضَى سِيَاقِه أَنَّه من باب التَّفْعِيل ، والصَّوَابُ أَنَّهُ من حَدَّ فَرِحَ كما فِي العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ.
وقال اللَّحْيَانيّ : المُحَارَضَةُ : المُدَاوَمَةُ على العَمَلِ ، وكَذلِكَ المُوَاظَبَةُ ، والمُوَاصَبَة ، والمُوَاكَبَة ، وقِيلَ في تَفْسِيرِ الآية : حَرِّضِ (الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) ، أَيُ حُثَّهُمْ عَلَى أَنْ يُحَارِضُوا على القِتَال حَتَّى يُثْخِنُوهُم.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : الْمُحَارَضَةُ : المُضَارَبَةُ بالقِدَاحِ ، وقد حارَضَ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
حَرَضَهُ المَرَضُ ، كَأَحْرَضَهُ ، إِذا أَشْفَى منه على شَرَفِ المَوْتِ. وفي التَّهْذِيب : الْمُحْرَضُ الهَالِكُ مَرَضاً ، الَّذِي لا حَيُّ فيُرْجَى ، ولا مَيّتٌ فيُوأَسُ منه. قال امرؤ القيْس :
أَرى المَرْءَ ذَا الأَذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضاً |
|
كَإِحْرَاضِ بَكْرٍ في الدِّيَارِ مَرِيضِ |
ويُرْوَى مُحْرِضاً (٣).
وأَحْرَضَهُ المَرَضُ : أَدْنَفَهُ وأَسْقَمَهُ. ويُقَال : كَذَبَ كَذْبَةً فَأَحْرَضَ نَفْسَه ، أَي أَهْلَكَهَا.
وجَاءَ بقَوْلٍ حَرَضٍ ، أَي هَالِكٍ.
ونَاقَةٌ حُرْضَانُ ، بالضَّمِّ : ساقِطَةٌ.
وجَمَلٌ حُرْضَانُ : هَالِكٌ ، وكَذلِكَ النَّاقَةُ بغَيْر هَاءٍ.
وأَحْرَضَهُ : أَسْقَطَهُ. ومنه قولُ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيّ : سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ (٤) يُحْرِضُ الحَسَبَ ، ويُذْئِرُ العَدُوَّ ، ويُقَوِّي الضَّرُورَةَ. قال : أَي يُسْقِطُه.
وكُلُّ شَيْءٍ ذَاوٍ : حَرَضٌ ، بالتَّحْريك.
والْأَحْرَاضُ : السَّفِلَةُ من النَّاسِ ، والَّذِين اشْتَهَرُوا بالشَّرِّ ، أَو هُمُ الَّذِين أَسْرَفُوا في الذُّنُوب فأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُم. ومنه حَدِيث مُحْلَّم بنِ جَثَّامَةَ قالَ : «كُلُّنَا إِلاَّ الْأَحْرَاض» (٥). وقيل أَرادَ بِهِ الَّذِينَ فَسَدَتْ مَذَاهِبُهم. وقال الجَوْهَرِيّ : الْأَحْرَاضُ : الضِّعافُ الَّذِين لا يُقَاتِلُون ، كَالْحُرْضانِ.
__________________
(١) سورة الأنفال الآية ٦٥.
(٢) في التهذيب واللسان : «معه».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ويروى محرضاً أي بكسر الراء ، والرواية الأولى بفتحها ا ه».
(٤) بالأصل : «سؤ حمل الناقة .. ويدير العدو» والمثبت عن التهذيب.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كلنا إلا الأحراض ، عبارة اللسان : وفي حديث عوف بن مالك : رأيت محلم بن جثامة في المنام فقلت : كيف أنتم؟ فقال : بخير ، وجدنا ربنا رحيما غفر لنا ، فقلت : لكلكم؟ قال : لكلنا غير الأحراض .. الخ ا ه». ومثله في النهاية.