الجَوْهَرِيّ وغَيْرُه ، وهو قَوْلُهُم : عِنْدَ مُنْقَطَعِ الجَبَلِ أَو أَسْفَله أَو غَيْر ذلِكَ ، ويَشْهَدُ لذلِكَ ما جَاءِ في الحَدِيث : «أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم هَدِيَّةُ فلم يَجِدْ شَيْئاً يَضَعُهَا عَلَيْه فقال : ضَعْهُ بِالْحَضِيضِ ، فإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ» يَعْنِي بالعَبْدِ نَفْسَهُ.
والحُضضُ ، كزُفَر ، وعُنُق ، كِلَاهُمَا عن ابْنِ دُرَيْد ، وهكذا ضَبَطَهَا الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيدَه ، وفيه لُغَاتٌ أُخْرَى ، رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ اليَزِيدِيّ : الحُضَضُ ، والحُضَظُ والحُظَظُ [والحُظُظُ] (١). قال شَمِرٌ : ولم أَسْمَعِ الضَّادَ مع الظَّاءِ إِلاّ في هذا. وقال ابنُ بَرَّيّ : قال ابنُ خَالَوَيْه : الحُظُظُ والحُظَظُ : وزاد الخَلِيلُ : الحُضَظُ ، بضَادٍ بَعْدَهَا ظَاء. وقال أَبو عُمَرَ الزَّاهِد : الحُضُذُ ، بالضَّاد والذَّال. رَوَى ابنُ الأَثِير هذِه الأَوْجُهَ ما خَلَا الضَّادَ والذَّالَ. وقالَ الصَّاغَانِيُّ : هو عُصَارَةُ شَجَرٍ ، وهو نَوْعَانِ : العَرَبِيُّ ، منه عُصَارَةُ الخَوْلانِ ، ويُعْرَفُ بالمَكِّيِّ أَيْضاً ، يُطْبَخ فيُجْعَل في أَجْرِبَةٍ ، وهو الأَجْوَدُ ، قال : والهِنْدِيُّ عُصَارَةُ شَجَرَةِ الفِيْلَزَهْرَجِ. وقال أَبو حَنِيفَةَ عن أَبي عُبَيْدَةَ : المَقِرُ يَخْرُجُ منه الصَّبِرُ أَوَّلاً ، ثمّ الْحُضَضُ ، ثُمَّ ثُفْلُه ، وقال صاحِبُ المِنْهَاج : ويُغَشُّ المَكِّي بالدِّبْسِ البَصْرِيّ المُغْلَى فيه صَبِرٌ ، ومُرٌّ ، وزَعْفَرَانٌ ، وعُرُوقُ ماءِ الآسِ ، وماءُ قُشُورِ الرُّمَّانِ. قال : ويُغَشُّ الهِنْدِيُّ بعُصَارَةِ الأَمْيَرِ بَارِيس ، يُطْبَخ بالماءِ حَتَّى يَجْمُدَ ، وكِلاهُمَا ، أَي النَّوْعَيْن نَافِعٌ لِلْأَوْرَامِ الرِّخْوَةِ والخَوَّارَةِ ، والقُرُوحِ والنُّفَّاخَاتِ والنَّمْلَة والخَبثَةِ والدَّوَاحِسِ خاصَّةً بماءِ وَرْدٍ ، وهو يَشُدُّ الأَعْضَاءَ ، ويَنْفَعُ من القُلَاع. والرَّمَدِ ، وغِشَاوَةِ العَيْنِ ، وجَرَبِ العَيْن ، والجُذَامِ ، والبَوَاسِيرِ ، وشُقُوقِ السِّفْلِ ، والإِسْهَالِ المُزْمِنِ ، ونَفْثِ الدَّمِ ، والسُّعَالِ ، واليَرَقَانِ الأسْوَدِ ، والطِّحَالِ ، شُرْباً وضِمَاداً ، ولَسْعِ الهَوَامِّ والخَوَانِيقِ غَرْغَرَةً بمَائِهِ.
والهِنْدِيُّ منه يَشْفِي من عَضَّةِ الكَلْبِ الكَلِب طِلاءً وشُرْباً كُلَّ يَوْم نِصْفَ مِثْقَالٍ بماءٍ. وفي الهِنْدِيُّ تَحْلِيلٌ وقَبْضٌ يَسِيرٌ يَنْفَعُ كُلَّ نَزْفٍ ، وهو يُغَزِّر الشَّعَرَ ويُحمِّرُه ويُقَوِّيه ، ويُقَال : المَكِّيّ أَجودُ للأَوْرَام ، والهِنْدِيّ أَجْوَدُ للشَّعرِ (٢). وقِيلَ : هو نَبَاتٌ يُعْمَلُ بعُصَارَتِه هذا الدّواءُ ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : هو صَمْغٌ من نَحْوِ الصَّنَوْبَرِ والمُرِّ وما أَشْبَهَهُما ، مِمَّا له ثَمَرةٌ كالفُلْفُلِ ، وتُسَمَّى شَجَرَتُهُ الحُضَضَ. وقِيلَ : هو دَوَاءٌ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ ، ووَقَعَ في نُسَخِ المُحْكَمِ : دَواءٌ ، وقِيلَ : دَوَاءُ.
وفي حَديث سُلَيْمَانَ (٣) بنِ مُطَيْرٍ «إِذا أَنا برَجُلٍ قد جَاءَ كأَنَّه يَطْلُب دَوَاءً أَو حُضَضاً».
وهذا يَقتضِي أَن الحُضَضَ غَيْرُ الدَّوَاءِ ، وقِيلَ : هو دَوَاءُ آخَرُ يُتَّخَذُ مِنْ أَبْوالِ الإِبِل ، قالَهُ اللَّيْثُ. وفي بَعْض الأُصُولِ : يُعْقَدُ ، وهذا القَوْلُ قد دَفَعَه الصّاغَانِيّ في العُبَابِ وصَوَّب ما ذَكَرْناهُ أَوَّلاً أَنَّه عُصَارَةُ شَجَرٍ.
والحَضُوضُ ، كصَبُورٍ (٤) : نَهْرٌ كَان بَيْنَ القَادِسِيَّةِ والحِيرَةِ.
وفي الجَمْهرَة : الحُضْحُضُ كقُنْفُذٍ : نَبْتٌ ، عن أَبي مالِكٍ.
وحَضَوْضَى كشَرَوْرَى ، ويقال أيَضاً : حَضُوضٌ ، مثل صَبُورٍ : جبَلٌ في البَحْرِ أَو جَزِيرَةٌ فيه ، كانَتِ العَرَبُ تَنْفِي إِلَيْهِ خُلَعَاءَهَا ، كما في العُبَاب والتَّكْمِلَة.
والْحَضَوْضَى : البُعْدُ ، عن ابن عَبّاد.
والحَضَوْضَى : النَّارُ ، عنه أَيْضاً.
والحَضَوْضَاةُ : الضَّوْضَاةُ ، عنه أَيْضاً.
ويُقَالُ : مَا عِنْدَه حَضَضٌ ولا بَضَضٌ ، مُحَرَّكَتَيْن ، أَي شَيْءٌ عنه أَيْضاً.
ويُقَالُ : أَخْرَجْتُ إِليه حَضِيضَتِي وبَضِيضَتِي ، أَي مِلْكَ يَدِي ، عنه أَيْضاً.
والْمُحَاضَّةُ : أَنْ يَحُضَّ ، أَي يَحُثَّ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وقَرَأَ شُعْبَةُ بن الحَجّاجِ : (ولا يُحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ) (٥) بالتَّحْتَيَّةَ المَضْمُومَة. وقَرَأَ ابنُ المُبَارَكِ بالمُثَنَّاة الفَوْقِيّة المَضْمُومَةَ. وقَرَأَ أَهْلُ المَدِينَةِ : ولا يَحُضُّونَ ، وقَرَأَ الحَسَنُ : ولا تَحُضُّونَ (٦).
__________________
(١) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٢) انظر في خواصه وميزاته تذكرة داوود «حضض».
(٣) في النهاية واللسان : سُليم.
(٤) قيدها ياقوت بضمتين فوق الحاء والضاد ، ضبط قلم.
(٥) سورة الفجر الآية ١٨.
(٦) في التهذيب عن الحسن «ولا يحضّون» والأصل كاللسان وفي التهذيب عن أَهل المدينة : «ولا تحضّون».