التَّهْذِيب عن اللَّيْثِ : الحَمْضُ : كُلُّ نَبَاتٍ لا يَهِيجُ في الرَّبِيع ويَبْقَى على القَيْظِ وفيه مُلُوحَةٌ ، إِذا أَكَلَتْهُ الإِبِلُ شَرِبَتْ عَلَيْهُ ، وإِذا لم تَجِدْهُ رَقَّتْ وضَعُفَت. وهِي كفَاكِهَةِ الإِبِلِ ، والخُلَّةُ مَا حَلَا ، وهي كخُبْزِهَا أَي أَنه العَرَب تَقُولُ : الخُلَّةُ خُبْزُ الإِبِلِ ، والحَمْضُ فَاكِهَتُهَا. ويُقَال : لَحْمُهَا ، كما في الصّحاح ، ج : الحُمُوضُ ، قال الرّاجِزُ :
يَرْعَى الغَضَى من جَانِبَيْ مُشَفَّقٍ |
|
غِبّاً ومَنْ يَرْعَ (١) الحُمُوضَ يَغْفِقِ. |
أَي يَرِد المَاءَ كُلَّ سَاعَةٍ ، كما في الصّحاح.
وحَمَضَتِ الإِبِلُ ، من حَدِّ نَصَرَ ، حَمْضاً وحُمُوضاً :
أَكَلَتْه ، وفي الصّحاح : رَعَتْهُ ، ونَقَلَهُ عَنِ الأَصْمَعِيّ. واقْتَصَر في المَصَادِرِ على الأَخِيرِ ، كأَحْمَضَت ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ ، والزَّمَخْشَرِيّ في الأَسَاس. وأَحْمَضْتُهَا أَنا : رَعَّيْتُهَا الْحَمْضَ.
وقال ابنُ السِّكِّيتِ : حَمَضَت الإِبِلُ فهِيَ حَامِضَةٌ ، إِذا كَانَت تَرْعَى الخُلَّةَ ثمّ صَارَتْ إِلى الحَمْضِ تَرْعَاهُ ، مِنْ حَوَامِضَ.
ويقال : إِبِلٌ حَمْضِيَّةٌ (٢) ، «بالفَتْح» ، أَي مُقِيمَةٌ فيه ، نقله الجَوْهَرِيّ عن الأَصْمَعِيّ. وبَعِيرٌ حَمْضِيٌّ : يَأْكُلُ الْحَمْضَ.
والْمَحْمَضُ ، كمَقْعَدٍ ، ويُضَمّ أَوَّلُهُ ، ذلِكَ المَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فيه الإِبِلُ الحَمْضَ ، الضَّمَّ عن أَبِي عَبَيْدَةَ ، ويُنْشَدُ على اللّغَتَيْنِ قَوْلُ هِمْيَانَ بنِ قُحَافَةَ السَّعْدِيّ :
وقَرَّبُوَا كُلَّ جُمَالِيٍّ عَضِهْ |
|
قَرِيبَةٍ نُدْوَتُهُ مِنْ مُحْمَضِهْ |
وحَمَضْتُ عنه ، كَرِهْتُه ، وحَمَضْتُ به : اشْتَهَيْتُه ، نقلهما الصَّاغَانِيّ : وأَرْضُ حَمِيضَةٌ ، كسَفِينَةٍ : كَثِيرَتُهُ ، عن ابنِ شُمَيْلٍ ، وأَرضُونَ حُمْضٌ ، بالضَّمِّ.
والْحَمْضَةُ ، بالفَتْح : الشَّهْوَةُ للشَّيْءِ.
وفي حَدِيثِ الزُّهْرِيّ : «الأذُنُ مَجَّاجَةٌ وللنَّفْسِ حَمْضَةٌ».
وإِنَّمَا أُخِذَت من شَهْوَةِ الإبِل للحَمْضِ ، لأنَّهَا إِذَا مَلَّت الخُلَّةَ (٣) اشْتَهَت الحَمْضَ فَتَحَوَّلُ إِليه ، كما في الصّحاح. وهكذا ذَكَرَه أَبُو عُبَيْدٍ في الغَرِيبِ ، ولكِنْ عَزَاهُ لِبَعْض التَّابِعِينَ. وخَرَّجَه ابنُ الأَثِير من حَدِيثِ الزُّهْرِيّ ، كما هُو في الصّحاح. وفي نَوَادِرِ الفَرّاءِ : لِلأذُنِ مَجَّةٌ ومَجَاجَةٌ. وفي كِتَابِ «يافِعٍ ويَفَعَة» تَقُول للرَّجُلِ الكَثِيرِ الكَلَامِ : اكْفُفْ عَنَّا كَلَامَك فإِنَّ للأُذُنِ مَجَّةً ، وللنَّفْسِ حَمْضَةً ، أَي تَمُجُّه وتَرْمِي بهِ. وقال ابنُ الأَثِيرِ : المَجَّاجَة : الَّتِي تَمُجُّ ما سَمِعَتْه فلا تَعِيه إِذا وُعِظَتْ بِشَيءٍ ، أَو نُهِيَت عَنْهُ ، ومَعَ ذلِكَ فلَهَا شَهْوَةٌ في السَّمَاع. وقال الأَزْهَرِيّ : المَعْنَى أَنَّ الْآذَانَ لا تَعِي كُلَّ ما تَسْمَعُه ، وهي مَع ذلِكَ ذَاتُ شَهْوَةٍ ، لِمَا تَسْتَظْرِفُه من غَرَائِبِ الحَدِيثِ ونَوَادِرِ الْكَلَامِ.
وبَنُو حَمْضَةَ ، بالفَتْح : بَطْنٌ من العَرَبِ من بَنِي كِنَانَةَ.
قُلْت : وهم بَنُو حَمْضَةَ بنِ قَيس اللَّيْثِيّ ، وهو عَمُّ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ بنِ قَيْسٍ الصَّحَابِيّ المَشْهُورِ ، قال الشَّاعر :
ضَمِنْتُ لِحَمْضَةَ جِيرَانَهُ |
|
وذِمَّةَ بَلْعَاءَ أَنْ يُؤْكَلَا |
والمَعْنَى أَن لا يُؤْكل ، وبَلْعَاءُ هذا هُوَ ابْنُ قَيْسٍ اللَّيْثِيّ.
وعَبْدُ الله بنُ حَمْضَة الخُزَاعِيُّ ، تَابِعَيُّ ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ ، وفي الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ. وأَبُو مَحْفُوظ مُعَاذ ، كَذا في سَائِر النُّسَخ ، وهو غَلَطٌ ، صَوابَهُ مُعَان ، بالنُّونِ ، وكَذَا ضَبَطَه ابنُ مَاكُولَا ، وهو ابنُ حَمْضَةَ البَصْرِيّ ، رَوَى عَنْه ابن مَهْدِيّ ، وأَحْمَدُ بنُ حَنْبَل ، ويَحْيَى بنُ معينٍ.
وأَبو مَحْفُوظٍ رَيْحَانُ بنُ حَمْضَةَ البَصْرِيّ ، روى عنه أَحمد بنُ حَنْبَل ، هكذا هُوَ في كتاب الذَّهَبِيّ ، وتَبِعَهُ المُصَنَّف ، والصَّوَابُ أَنَّ مُعَانَ بنَ حَمْضَةَ هوَ أَبُو مَحْفُوظٍ.
وقد رَوَى عنه الجَمَاعَةُ المَذْكُورُون ، وهما وَاحِدٌ ، نَبَّه عَلَيْه الحَافِظُ ، مُحَدِّثُونَ.
وفَاتَه : حَمْضَةُ بنُ قَيْسٍ اللَّيْثِيُّ ، عَمُّ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ بنِ قَيْسٍ الصَّحَابِيِّ المَشْهُورِ.
والحَمْضِيُّون مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ نُسِبُوا إِلى جَدِّهم حَمْضَةَ.
__________________
(١) عن الصحاح وبالأصل «ومن يرعى».
(٢) في التهذيب : «حميضة» ، وجاء في اللسان : إبل حَمْضية وحَمَضية .. الأخيرة على غير قياس.
(٣) الخلّة من النبت ما كان حلواً ، والحمض من النبت ما كان مالحاً أو ملحاً.