وقال أَبو حاتِم : الَّذِي يَكُونُ في بُطُونِ البَهَائِم مُتَثَنِّياً : المَرْبِضُ (١) ، والذي أَكبَرُ منها : الأَمْغَالُ. وَاحِدُهَا مُغْل (٢).
والذي مثل الأَثْنَاءِ. حَفِثٌ وفَحِثٌ. والجَمْعُ أَحْفَاثٌ وأَفْحَاثٌ.
ومن المَجَاز : الرَّبَضُ : سُورُ المَدِينَة وما حَوْلَهَا. ومنه الحَدِيث (٣) «أَنا زعيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وأَسْلَم وهَاجَر بِبَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّة» وقيل : الرَّبَض : الفَضَاءُ حَوْلَ المَدِينَة.
ويقَال : نَزَلُوا في رَبَضِ المَدِينَةِ والقَصْرِ أَي ما حَوْلَهَا من المَسَاكن.
والرَّبَضُ : مَأْوَى الغَنَمِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ ، وأَنشد للعَجّاجِ يَصِفُ الثَّوْرَ الوَحْشِيّ :
واعْتَادَ أَرْبَاضاً لَهَا آرِيُّ |
|
مِنْ مَعْدِنِ الصَّيرانِ عُدْمُلِيُّ |
العُدْمُلِيُّ : القَدِيمُ. وأَراد بِالْأَرْبَاضِ جَمْعَ رَبَضٍ. شَبَّهَ كِنَاسَ الثَّوْرِ بمَأْوَى الغَنَمِ.
وفي الحَدِيث : «مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالشَّاةِ بَيْنَ الرَّبَضَيْنِ ، إِذَا أَتَتْ هذِه نَطَحَتْهَا ، وإِذَا أَتَتْ هذه نَطَحَتْهَا» كما فِي العُبَابِ.
قُلتُ : ويُرْوَى : بينَ الرِّبَيضَيْن. والرَّبِيضُ : الغَنَمُ نَفْسُها ، كَمَا يَأْتِي. فالمَعْنَى عَلَى هذا أَنَّه مُذَبْذَبٌ كالشَّاةِ الوَاحِدَةِ بَيْن قَطِيعَيْنِ مِنَ الغَنَمِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَأْوَى الغَنَمِ رَبَضاً لِأَنَّهَا تَرْبِضُ فيه. وكَذلِكَ رَبَضُ الوَحْشِ : مَأْوَاه وكِنَاسُهُ.
ومن المَجَاز : الرَّبَضُ : حَبْلُ الرَّحْلِ الَّذِي يُشَدُّ به ، أَو ما يَلِي الأَرْضَ مِنْه ، أَي من حَبْلِ الرَّحْلِ ، لا ما فَوْقَ الرَّحْلِ.
وقال اللَّيْثُ : الرَّبَضُ : ما وَلِيَ الأَرْضَ مِنَ البَعِير إِذا بَرَكَ ، والجَمْع الْأَرْبَاض. وأَنْشَدَ :
أَسْلَمَتْهَا مَعَاقِدُ الأَرْبَاضِ
أَي مَعَاقِدُ الجِبَالِ على أَرْبَاضِ البُطُونِ. وقال الطِّرِمَّاح :
وأَوَتْ بِلَّةُ الكَظُومِ إِلَى الفَظِّ |
|
وجَالَتْ مَعَاقِدُ الْأَرْبَاضِ |
وإِنَّمَا تَجُولُ الْأَرْبَاضُ من الضُّمْرِ ، هكذَا قَالَهُ اللَّيْث : وغَلَّطَهُ الْأَزْهَرِيُّ (٤). وقال : إِنَّمَا الْأَرْبَاضُ الْحِبَالُ. وبه فَسَّرَ أَبو عُبَيْدَة (٥) قَوْلَ ذِي الرُّمَّة :
إِذَا مَطَوْنَا نُسُوعَ الرَّحْلِ مُصعِدَةً |
|
يَسْلُكْنَ أَخْرَاتَ أَرْبَاضِ المَدَارِيجِ |
قال : والأَخْرَاتُ : حَلَقُ الحِبَالِ. قُلتُ : وفَسَّرَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْأَرْبَاضِ في البَيْت ببُطُونِ الْإِبِلِ ، كما ذَهَبَ إِليه اللَّيْثُ.
ومن المَجَازِ : الرَّبَضُ : قُوتُك الَّذِي يُقِيمُك ويَكْفِيكَ من اللَّبَن ، نقله الجَوْهَريُّ. قال : ومِنه المَثَلُ : «مِنْكَ رَبَضُكَ وإِنْ كانَ سَمَاراً» أَي مِنْكَ أَهْلُك وخَدَمُكَ ومَنْ تَأْوِي إِليه وإِنْ كانُوا مُقَصِّرِينَ. قال : وهذا كقَوْلِهِم : «أَنْفُكَ مِنْك ولَوْ كانَ أجْذَعَ». وزادَ في العُبَاب : وكَذَا «مِنْك عِيصُكَ وإِنْ كان أَشِباً». وفي اللِّسَان : السَّمَارُ : اللَّبَنُ الكَثِيرُ المَاءِ.
والمَعْنَى : قَيِّمُكَ منك لأَنّه مُهْتَمٌّ بك ، وإِنْ لَمْ يَكُن حَسَنَ القيَامِ عَلَيْكَ. ثمّ إِنّ قَوْلَه في المَثَل : رَبَضُكَ ، مُحَرَّكَةً كما يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ المُصَنِّف وهكَذَا وُجِدَ بخَطِّ الجَوْهَرِيّ.
ورأَيتُ في هَامِش الصّحاح ما نَصَّه : وَجَدْت في كتابِ المِعْزَى (٦) لأَبِي زَيْد نُسْخَةً مَقْروءة على أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيّ ويقال : «مِنْكَ رُبُضُكَ وإِن كان سَمَاراً» هكذَا بضَمَّتَيْنِ صُورَةً لا مُقَيَّداً ، يقول : مِنْكَ فَصِيلَتُكَ ، وهم بَنُو أَبِيه ، وإِنْ كانُوا قومَ سُوءٍ لَا خَيْرَ فِيهِم. قال : ووَجَدْتُ في التَّهْذِيب للأَزْهَرِيِّ بخَطّه ما نَصُّه : ثَعْلَب عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ : «منك رُبْضُك» هكذا بضمّ الراءِ غير مُقَيَّدٍ بوَزْنٍ (٧) ، قال : والرُّبْض : قَيِّمُ بَيْته. وهكَذَا وَجَدتُ أَيضاً في كتاب الأَمْثَال للأَصْمَعِيّ.
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «الربض».
(٢) ضبطت عن اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ومنه الحديث : عبارة اللسان : وفي الحديث : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ، وهو بفتح الباء ما حولها ، خارجاً عنها تشبيهاً بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع ا ه».
(٤) انظر ما لاحظناه قريباً.
(٥) في التهذيب : «أبو عبيد» والأصل كاللسان.
(٦) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «المقرى».
(٧) الذي في التهذيب المطبوع : «منك رَبضُك» ضبط قلم.