بَعْضاً ، كُلَّمَا هَلَكَ وَاحِدٌ قامَ مَقَامَهُ آخَرُ تَابِعاً له على مِثْلِ سِيرَتِهِ ، وزَادُوا الهاءَ في التَّبَابِعَةِ ، لإِرَادَةِ النَّسَبِ.
وقَوْلُه تَعالَى : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) (١)قالَ الزَّجّاج :جاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّ تُبَّعاً كانَ مَلِكاً من المُلُوكِ وكانَ مُؤْمِناً ، وأَنَّ قَوْمَهُ كانُوا كافِرِينَ. وجاءَ أَيْضاً أَنَّهُ نُظِرَ إِلَى كِتَابٍ عَلَى قَبْرَيْنِ بنَاحِيَةِ حِمْيَرَ : «هذا قَبْرُ رَضْوَى وقَبْرُ حُبَّى ابنَتَيْ تُبَّعٍ ، لا تُشْرِكان بِالله شَيْئاً». وفي الحَدِيثِ : «لا تَسُبُّوا تُبَّعاً فإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَة» وقِيلَ : اسْمُه أَسْعَدُ أَبُو كَرِب. وقالَ اللَّيْثُ : التَّبَابِعَةُ في حِمْيَرَ ، كالأَكَاسِرَةِ في الفُرْسِ ، والقَيَاصِرَةِ في الرُّومِ ، ولا يُسَمَّى به إِلَّا إِذا كَانَتْ ، هكَذَا في النُّسَخ ، ونَصُّ العَيْنِ : دَانَتْ لَهُ حِمْيَرُ وحَضْرَمَوْتُ ، وزادَ غَيْرُه : «وسَبَأٌ» ، وإِذَا لَمْ تَدِنْ لَهُ هاتانِ لَمْ يُسَمَّ تُبَّعاً (٢).
وِدَارُ التَّبَابِعَة بِمَكَّةَ مَعْرُوفَةٌ ، وهي الَّتِي وُلِدَ فِيها النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما في العُبَابِ.
وِالتُّبَّعُ ، كسُكَّرٍ : الظِّلُّ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ ، وهذِهِ هي اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا قَرِيباً ، ولَوْ ذَكَرَهُمَا في مَوْضِعٍ ، وَاحِدٍ كَانَ أَصْنَعَ ، وهكَذَا رُوِيَ بَيْتُ سُعْدَى الجُهَنِيَّةِ الَّذِي تَقَدَّم ذِكْرُهُ.
وِمِنَ المَجَازِ : التُّبَّع : ضَرْبٌ من اليَعَاسِيبِ أَعْظَمُها وأَحْسَنُهَا ، ج : التَّبَابِيعُ نَقَلَهُ اللَّيْثُ ، ويُقَالُ مِنْ ذلِكَ ، تَبعَت النَّحْلُ تُبَّعَهَا ، أَيْ يَعْسُو بهَا الأَعْظَم ، تَشْبِيهاً بِأُولئِكَ المُلُوكِ ، ووَقَعَ في اللِّسَانِ : والجَمْعُ التَّبَابعُ.
وِقالَ ابنُ عبّادٍ : يُقَالُ : ما أَدْرِي أَيُّ تُبَّعٍ هُوَ؟ أَيْ أَيُّ النّاسِ (٣) هو.
وِأَبو عَبْدِ الله أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيدٍ التُّبَّعِيّ : مُحَدِّثٌ ، رَوَى عن القاسِمِ بنِ الحَكَمِ ، وعنه زَنْجَوَيْه بنُ مُحَمَّدٍ اللَّبّادُ ، نَقَلَه الحَافِظُ.
وِقالَ يُونُسُ : رَجُلٌ تُبَعٌ للكَلامِ ، كصُردٍ ، وهو مَنْ يُتْبعُ بَعْضَ كَلامِهِ بَعْضاً.
وِتَبُّوعُ الشَّمْسِ ، كتَنُّورٍ : رِيحٌ يُقَال لَهَا : النُّكَيْبَاءُ تَهُبُّ بالغَدَاةِ مع طُلُوعِهَا مِن نَحْوِ الصَّبا لا نَشْءَ معها فتَدُورُ في مَهَابِّ الرِّيَاحِ حَتَّى تَعُودَ إِلَى مَهَبِّ الصَّبَا حَيْثُ (٤) بَدَأَتْ بالغَدَاةِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : والعَرَبُ تَكْرَهُها.
وِتِبْعُ المَرْأَةِ ، بالكَسْرِ : عاشِقُها وتَابِعُها حَيْثُ ذَهَبَتْ.
وحَكَى اللِّحْيَانِيّ : هو تِبْعُ نِسَاءٍ ، وهي تِبْعَتُه. وقالَ الأَزْهَرِيّ : تِبْعُ نِسَاءٍ ، أَيْ يَتْبَعُهُنَّ ، وحِدْثُ نِسَاءٍ : يُحَادِثُهُنَّ ، وزِيرُ نِسَاءٍ : يَزُورُهُنَّ ، وخِلْبُ نِسَاءٍ : إِذا كَانَ يُخَالِبُهُنَّ.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : بَقَرَةٌ تَبْعَى ، كسَكْرَى ، أَيْ مُسْتَحْرِمَةٌ.
وِأَتْبَعْهُمُ مِثْلُ تَبِعْتُهُم ، وذلِكَ إِذا كَانُوا سَبَقُوكَ فلَحِقْتَهُمْ ، نَقَلَه أَبُو عُبَيْدٍ. ويُقَالُ : أَتْبَعَهُ : إِذا قَفَاهُ وتَطَلَّبَهُ مُتَتَبِّعاً لهُ ، وأَتْبَعْتُهُم أَيْضاً غَيْرِي. وقَوْلُه تَعالَى : فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ (٥) أَراد أَتْبَعَهُمْ إِيّاهُمْ. وقالَ ابنُ عَرَفَةَ : أَيْ لَحِقَهُمْ أَو كادَ ، ومنهُ قَوْلُه تَعالَى : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) (٦) أَي لَحِقَهُ.
وقالَ الفَرّاء : يُقَالَ : تَبِعَهُ وأَتْبَعَهُ ، ولَحِقَهُ وأَلْحَقَهُ ، وكَذلِكَ قَوْلُه : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) (٧) وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ : (فَأَتْبَعَ سَبَباً) (٨) و «فاتَّبَعَ سَبَباً» بتَشْدِيدِ التَّاءِ ، ومَعْنَاهَا تَبِعَ ، وكانَ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ يَقْرَؤُها بالتَّشْدِيدِ ، وهي قِرَاءَةُ أَهْلِ المَدِينَةِ ، وكانَ الكِسَائيُّ يَقْرَؤُهَا بقَطْعِ الأَلِفِ ، أَيْ لَحِقَ وأَدْرَكَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وقِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو أَحَبُّ إِلَيَّ مِن قَوْلِ الكِسَائيّ.
وِفي المَثَلِ : أَتْبعِ الفَرَسَ لِجَامَهَا ، أَوْ أَتْبِعِ النَّاقَةَ زِمَامَها ، أَو أَتْبِعِ الدَّلْو رِشَاءَهَا كُلُّ ذلِكَ يُضْرَبُ لِلأَمْرِ باسْتِكْمَالِ المَعْرُوفِ واسْتِتمَامِهِ ، وعلَى الأَخِيرِ قَوْلُ قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ :
إِذا ما شَرِبْتُ أَرْبَعاً خَطَّ مِئْزَرِي |
|
وِأَتْبَعْتُ دَلْوِي في السَّمَاحِ رِشَاءَهَا |
وقال أَبو عُبَيْدٍ : أَرَى مَعْنَى المَثَلِ الأَوّلِ : إِنَّكَ قَدْ جُدْتَ بالفَرَسِ ، واللِّجَامُ أَيْسَرُ خَطْباً ، فَأَتِمَّ الحَاجَةَ ، لِمَا أَنَّ الفَرسَ لا غِنَى به عَن اللِّجَام. قالَهُ ضِرَارُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ ، والَّذِي حَقَّقه المُفَضّل وغَيْرُه أَنَّ المَثَلَ لعَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ ، قالُوا : لَمَّا أَغَارَ ضِرَارٌ عَلى حَيِّ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ الكَلْبِيِّ فأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ،
__________________
(١) سورة الدخان الآية ٣٧.
(٢) عبارة اللسان : لا يسمى تبّعاً حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير.
(٣) في التكملة : خَلْق.
(٤) التكملة : حين.
(٥) سورة طه الآية ٧٨.
(٦) سورة الأعراف الآية ١٧٥.
(٧) سورة الحجر الآية ١٨.
(٨) سورة الكهف الآية ٨٥.