عِنْدَه ، كما في الصّحاحِ. وحَكَى ابنُ بَرِّيّ عَنْ ثَعْلَبِ قالَ : دَخَلْتُ علَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله بنِ طاهِرٍ ، وعِنْدَهُ أبو مُضَرَ أخُو أبِي العَمَيْثَلِ الأَعْرَابِيّ ، فقالَ لِي : ما التَّلْعَة؟ فَقُلْتُ :أهْلُ الرِّوَايَةِ يَقُولُونَ : هُو مِنَ الأَضْدادِ ، لِما عَلَا ولِمَا سَفَلَ ، قالَ الرّاعِي في العُلُوِّ :
كدُخَانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلَى تَلْعَةٍ |
|
غَرْثَانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولاً (١) |
وقالَ زُهَيْرٌ في الانْهِبَاطِ :
وِإنِّي مَتَى أهْبِطْ مِنَ الأَرْضِ تَلْعَةً |
|
أجِدْ أثَراً قَبْلِي جَدِيداً وعافِيَا |
قالَ : ولَيْسَ كَذلِكَ إنَّمَا هِيَ مَسِيلُ المَاءِ مِن أعْلَى الوَادِي إلَى أسْفَلِه ، فمَرَّةً يُوصَفُ أعْلاهَا ، ومَرَّةً يُوصَفُ أسْفَلُهَا. قُلْتُ : وهو قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابِيّ.
وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : التَّلْعَةُ ما اتَّسَعَ من فُوَّهِةَ الوَادِي ، قالَ :وِرُبمَا سُمِّيَت القِطْعَةُ المُرْتَفِعَةُ مِنَ الأَرْضِ تَلْعَةً ، والأَوّلُ هو الأَصْلُ. وقال غَيْرُهُ : التَّلْعَةُ : أرْضٌ مُرْتَفِعَةٌ غَلِيظَةٌ يَتَرَدَّدُ فيه السَّيْلُ ، ثُمَّ يَدْفَعُ منْهَا إلَى تَلْعَةٍ أسْفَلَ منْهَا ، وهي مَكْرَمَةٌ للنَّبَاتِ (٢).
ج : تَلَعاتٌ ، مُحَرَّكَةً ، وتَلْعٌ ، كتَمَراتٍ وتَمْرٍ ، وتِلَاعٌ ، كقَلْعَةٍ وقِلَاعٍ. قالَ رَبِيعَةُ بنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيّ :
كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ بِكْرٌ أطَاعَ لَها |
|
مِنْ حَوْمَلٍ تَلَعَاتُ الجَوِّ أوْ أُودَا |
وقَال أبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :
هَلْ أُسْوَةٌ لَكَ فِي رِجَالٍ قُتِّلُوا |
|
بتِلَاعِ تِرْيَمَ هَامُهُمْ لَمْ تُقْبَرِ (٣) |
أو التِّلاعُ : مَجَارِي أعْلَى الأَرْضِ إلَى بُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أبِي عَمْرو ، وقال شَمِرٌ : التِّلاع : مَسَايِلُ الماءِ تَسِيلُ من الأَسْنَادِ والنَّجَافِ والجِبَالِ حَتَّى يَنْصَبَّ في الوَادِي قالَ : وتَلْعَةُ الجَبَلِ أنَّ الماءَ يَجِيءُ فيَخُدُّ فيه ويَحْفِرُه حَتَّى يَخْلُصَ منْه ، قالَ : ولا تَكُونُ التِّلاعُ إلَّا (٤) في الصّحَارَي ، قالَ : ورُبما جاءَتِ التَّلْعَةُ مِن أبْعَدَ مِن خَمْسَةِ فَرَاسِخَ إلَى الوَادِي ، فإِذا جَرَتْ مِن الجِبَالِ فوَقَعَتْ في الصَّحَاري حَفَرَتْ فيها كَهَيْئَةِ الخَنْدَقِ ، قَالَ : وإذَا عَظُمَتِ التَّلْعَةُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ نِصْفِ الوَادِي أوْ ثُلُثَيْهِ ، فهي مَيْثَاءُ.
وفي حَدِيثِ الحَجّاجِ في وَصْفِهِ (٥) المَطَر : «وأدْحَضَتِ التِّلاعَ» أي جَعَلَتْهَا زَلَقاً تَزْلَقُ فِيها الأَرْجُلُ.
وِفي المَثَلِ : «فُلانٌ لَا يَمْنَعُ ذنَبَ تَلْعَةٍ» يُضْرَبُ للذَّلِيلِ الحَقِيرِ.
وِقال ابنُ شُمَيْلٍ : من أمْثَالِهِم : «لا أثِقُ بِسَيْلِ تَلْعَتِكَ» يُضْرَبُ لِمَنْ لا يُوثَقُ بِهِ ، أي لا أثِقُ بِمَا تَقُولُ ، وبِمَا تَجِيءُ به. يُوصَفُ بالكَذِب.
وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : مِنْ أمْثَالِهم : «ما أخافُ إلّا مِنْ سَيْل تَلْعَتِي» ، قالَ : أيْ مِن بَنِي عَمِّي وأقَارِبِي ، لِأَنَّ مَنْ نَزَلَ التَّلْعَةَ وهي مَسِيلُ الماءِ فهو على خَطَرٍ ، إنْ جاءَ السَّيْلُ جَرَفَ به ، قالَ : هذا وهُوَ نازِلٌ بالتَّلْعَةِ ، فقالَ : «لا أخافُ إلَّا مِن مَأَمَنِي» ، فهذِه ثَلاثَةُ أمْثالٍ جاءَت في التَّلْعَة.
وِالتَّلَاعَةُ ، بالفَتْحِ : ماءَةٌ لِكِنَانَةَ ، قالَ بُدَيْلُ بنُ عَبْدِ مَنَاةَ الخُزَاعِيّ :
وِنَحْنُ صَبَحْنَا بِالتَّلَاعَةِ دارَكُمْ |
|
بِأَسْيَافِنَا يَسْبِقْنَ لَوْمَ العَوَاذِلِ |
وِقالَ اللَّيْثُ : التَّلَعُ ، مُحَرَّكَةً : شَبِيهُ التَّرَع ، في بَعْضِ المَعَانِي. وقالَ أبو عُبَيْدٍ : أكْثَرُ ما يُرَادُ بالتَّلَعِ طُولُ العُنُقِ ، وقالَ غَيْرُهُ : هو انْتِصَابُهُ ، وغِلَظُ أصْلِهِ ، وجَدْلُ أعْلاهُ. وقد تَلعَ ، ككَرُمَ وفَرحَ ، تَلَعاً ، فهو أتْلَعُ وتَلِيعٌ ، يُقَالُ : عَنُقٌ أتْلَعُ وتَلِيعٌ فِيمَنْ ذَكَّرَ ، أيْ طَوِيلٌ ، وتَلْعَاءُ ، فِيمَن أنَّثَ. وجِيدٌ تَلِيعٌ : طَوِيلٌ. قال الأَعْشَى :
يَوْمَ تُبْدِي لَنَا قُتَيْلَةُ عَنْ جِي |
|
دٍ تَلِيعٍ تَزِينُهُ الأَطْواقُ |
وِمِنَ المَجَازِ : تَلَعَ النَّهَارُ ، كمَنَعَ ، يَتْلَعُ تَلْعاً وتُلوعاً :
__________________
(١) ديوانه ص ٢٤٠ انظر تخريجه فيه.
(٢) في التهذيب واللسان : مكرمة من المنابت.
(٣) ديوان الهذليين ٢ / ١٠٢ وفيه : صرّعوا بدل قتلوا ، وهما بمعنى ، «ولم يقبر» بدل «ولم تقبر».
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «هذه اللفظة مضروب عليها بنسخة المؤلف» ومثلها في التهذيب ، والأصل كاللسان.
(٥) في النهاية واللسان : في صفة المطر.