وِبَنُو جَدْعَاءَ (١) وبَنُو جُدَاعَةَ ، كثُمَامَةَ : قَبِيلَتانِ مِنَ العَرَبِ.
وِالجَدْعاءُ : ناقَةُ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي العضْبَاءُ والقَصْوَاءُ ، ولَمْ تَكُنْ جَدْعَاءَ ولا عَضْبَاءَ ولا قَصْوَاءَ ، وإِنَّمَا هُنَّ أَلْقَابٌ لَها ، كما ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ.
وِعَبْدُ الله بنُ جُدْعَانَ ، بالضَّمِّ : جَوادٌ ، م ، مَعْرُوفٌ ، وهُوَ ابنُ جُدْعَانَ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ ، وهو وَالِدُ زُهَيْرِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وأَخَواه زَيْدُ بنُ جُدْعَانَ وعُمَيْرُ بنُ جُدْعانَ ، فمِنْ وَلَدِ عُمَيْرٍ المُهَاجِرِيّ قُنْفُذُ بنُ عُمَيْرُ ومِنْ وَلَدِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَبُو عَزَارَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ عُبَيْدِ الله بن أَبِي مُلَيْكَةَ ، ورُبما كانَ يَحْضُرُ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طَعَامَهُ ، وكَفَاهُ بذلِكَ فَخْراً وشَرَفاً ، وكَانَتْ لَهُ جَفْنَةٌ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإِسْلامِ صَكَّةَ عُمَيًّ ، كما وَرَدَ في الحَدِيثِ ، ونَقَلَهُ الصّاغَانِيّ ، وكانَتْ هذِه الجَفْنَةُ يُطْعِمُ فِيهَا في الجَاهِلِيَّةِ ، وكانَ يَأْكُل مِنْهَا القائمُ والرّاكبُ لعِظَمِها ، وكانَ لَهُ مُنَادٍ يُنَادِي : هَلُمَّ إِلَى الفَالُوذِ ، وإِيّاهُ عَنَى أُمَيَّةُ بنُ أَبِي الصَّلْتِ بِقَوْلِهِ :
لَهُ دَاعٍ بِمَكَّةَ مُشْمَعِلٌّ |
|
وِآخَرُ فَوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي |
فَأَدْخَلَهُم عَلَى رَبِذٍ يَدَاهُ |
|
بفِعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ من الهَدَادِ |
عَلَى الخَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ بنِ عَمْرٍو |
|
طَوِيل السَّمْكِ مُرْتَفِع العِمَادِ |
إِلى رُدُحٍ مِنَ الشَّيزَى مِلَاءٍ |
|
لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ |
وجاءَ في بَعْضِ الأَحَادِيثِ «قَالَتْ عائشَةُ» رضياللهعنها : يا رَسُولَ الله هَلْ كَانَ ذلِكَ نافِعَهُ؟ قالَ : لا إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً : رَبِّ اغْفِرْ (لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)».
وِيُقَالُ : كَلأٌ جُدَاعٌ ، كغُرَابٍ أَي فيه جَدْعٌ لِمَنْ رَعَاهُ.
قالَ رَبِيعَةُ بنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيّ :
فقَدْ أَصِلُ الخَلِيلَ وإِنْ نَآنِي |
|
وِغِبُّ عَداوَتِي كَلَأٌ جُدَاعُ |
وهو مَثَلٌ ، أَي هو مُرُّ بَشِعٌ وَبِيلٌ وَخِمٌ دَوٍ.
وِمِنْهُ الجُدَاع للمَوْتِ. بالضَّمِّ أَيْضاً ، وهو مَجَازٌ ، وضَبَطَهُ بَعْضُهُم كسَحَابٍ ، وإِنَّمَا سُمِّيَ به لأَنَّهُ يُذْهِبُ كُلَّ شَيْءٍ ، كأَنَّهُ يَجْدَعُهُ.
وِبَنُو جُدَاعٍ ، أَيْضاً : بَطْنٌ مِن العَرَبِ.
وصَيِيُّ جَدِعٌ ، ككَتِف : سَيِّءُ الغِذَاءِ ، وقَدْ جَدِعَ ، كفَرِحَ ، جَدَعاً ، وهو مَجازٌ : قال ابْنُ بَرِّيّ : قال الوَزِيرُ :جَدِعٌ فَعِلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ ، قال : لا يُعْرَفُ مِثْلُهُ. قَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ يرثِي فَضَالَةَ بنَ كَلَدَةَ (٢) ويُرْوَى لبِشْرِ بنِ أَبِي خَازِم :
لِيَبْكِكَ الشَّرْبُ والمُدَامَةُ وال |
|
فِتْيَانُ طُرًّا وطامِعٌ طَمِعَا |
وِذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَوَاشِرُهَا |
|
تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعَا |
وقَدْ صَحَّفَ بَعْضُ العُلَمَاءِ هذِهِ اللَّفْظَةَ : قَالَ الجَوْهَرِيُّ :ورَوَاهُ المُفَضَّلُ «بالذالِ المُعْجَمَةِ» ورَدَّ عَلَيْهِ الأَصْمَعِيُّ.
قُلْتَ : قالَ الأَزْهَرِيُّ في أَثْنَاءِ خُطْبَةِ كتابِهِ : جَمَعَ سُلَيْمَانُ بنُ عَلِيٍّ الهاشِمِيُّ بالبَصْرَةِ بَيْنَ المُفَضَّلِ الضَّبِّيّ والأَصْمَعِيّ ، فأَنْشَدَ المُفَضَّلُ «وذَاتُ هِدْمٍ». وقال آخِرَ البَيْتِ «جَذعا» ففَطِنَ الأَصْمَعِيّ لِخَطَئِهِ ، وكانَ أَحْدَثَ سِنًّا منه ، فقالَ لَه : إِنَّمَا هو «تَوْلَباً جَذِعاً» وأَرادَ تَقْرِيرَهُ عَلَى الخَطَإِ ، فلَمْ يَفْطِنِ المُفَضَّلُ لِمُرادِهِ فقَالَ : وكَذلِكَ أَنْشَدْتُه ، فقَالَ لَهُ الأَصْمَعِيُّ حِينَئِذٍ : أَخْطَأَتَ إِنَّمَا هو تَوْلَباً جَدِعا ، فقالَ لَهُ المُفَضَّلُ : جَذِعَا ، جَذِعا ورَفَعَ صَوْتَهُ وَمَدَّه ، فقالَ لَهُ الأَصْمَعِيُّ : لَوْ نَفَخْتَ في الشَّبُّورِ ما نَفَعَكَ ، تَكَلَّمْ كَلامَ النَّمْلِ وأَصِبْ ، إِنَّمَا هو : جَدِعا ، فقال سُلَيْمَانُ بنُ عَلِيّ :مَنْ تَخْتَارَانِ أَجْعَله بَيْنَكُمَا؟ فاتَّفَقا عَلَى غُلامٍ من بَنِي أَسَدٍ حافِظٍ للشِّعْرِ ، فأُحْضِرَ ، فعَرَضا عَلَيْه ما اخْتَلَفا فِيهِ ، فصَدَّقَ الأَصْمَعِيَّ ، وصَوَّب قَوْلَهُ ، فقَالَ لَه المُفَضَّلُ : ما الجَدِعُ؟ فقالَ : السَّيِّءُ ، الغِذَاءِ. انْتهى.
__________________
(١) هو جدعاء بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فُطرة بن طيىء.
(٢) عن الكامل للمبرد ٣ / ١٤٠٠ والبيتان في ديوان أوس ص ٥٥ وبالأصل «فضالة بن لكدة».