مِنَ التَّصْحِيفِ لَفُسِّرَ ، قال : ولَم يَخْطُرْ بِبالِي الفَحْصُ عَنْ هذا اللَّفْظِ إِبّانَ إِلْبَابِي ببِلادِ الهِنْدِ ، وأَوانَ تَرَدُّدِي إِلَيْهَا ، فإِنَّ بِهَا نُسَخاً مُتْقَنَةً بِهذا الدِّيوَانِ ، وبِسائِر دَوَاوِينِ العَرَبِ ، فأَمَّا الآنَ «فقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوانِ» ولاتَ حِينَ أَوان ، واللهُ المُسْتَعَان :
حَنَّتْ نَوَارُ ولاتَ هَنّا حَنَّتِ |
|
وَبَدَا الَّذِي كانَتْ نَوَارُ أَجَنَّتِ |
وقِيلَ : الصَّوابُ الصَّيِّغُ ، فَيْعِلٌ مِنْ صاغَ يَصُوغُ ، وهُوَ الكَذّابُ الَّذِي يَصُوغُ الكذِبَ ويُزَخْرُفُه ، ويُقَرِّظُ الزُّورَ وَيُشَنِّفُه ، أَصْلُه صَيْوغٌ ، كسَيِّدٍ وصَيِّبٍ ، أَصْلُه سَيْوِدٌ وَصَيْوِبٌ ، وأَمْثَالُهُما ، وهذا الوَجْهُ هُو الَّذِي صَوَّبَهُ الصّاغَانِيُّ وَأَيَّدَهُ.
[صوغ] : صاغَ الماءُ يَصُوغُ صَوْغًا : رَسَبَ في الأَرْضِ ، وَكَذَلِكَ صاغَ الأُدْمُ في الطَّعَامِ : إذا رَسَبَ فِيه ، قالَهُ ابنُ شُمَيْلٍ.
ومِنَ المَجَازِ : صاغَ اللهُ تَعالَى فُلانًا صِيغَةً حَسَنَةً ، أي : خَلَقَهُ خِلْقَةً حَسَنَةً ، وهُوَ حَسَنُ الصِّيغَةِ أي حَسَنُ العَمَلِ وَقِيلَ حَسَنُ الخِلْقَةِ والقَدِّ ، وصِيغَ عَلَى صِيغَتهِ ، أيْ : خُلِقَ خِلْقَتَه.
وصاغَ الشَّيْءَ يَصُوغُه صَوْغًا : هَيَّأَهُ عَلَى مِثَالٍ مُسْتَقِيمٍ وَسَبَكَه عَلَيْهِ فانْصاغَ.
وهُوَ صَوّاغٌ ، وصَائِغٌ ، وصَيّاغٌ مُعاقَبَةٌ في لُغَةِ أَهْلِ الحِجَازِ ، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ ـ رضياللهعنه ـ : «واعَدْتُ صَوّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ» وهُوَ صَوّاغُ الحَلْيِ ، قال ابنُ جنِّي : إِنَّمَا قال بَعْضُهُمْ : صَيّاغٌ ؛ لأَنَّهُمْ كَرِهُوا الْتِقاءَ الوَاوَيْنِ ، لا سِيَّمَا فِيمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُه ، فأَبْدَلُوا الأولى مِن العَيْنَيْنِ ياءً ، كما قالُوا في أَمّا أَيْمَا ، ونَحْوُ ذلِكَ ، فصارَ تَقْدِيرُه : الصَّيْوَاغُ ، فلَمَّا التَقَتِ الواوُ والياءُ عَلَى هذا أَبْدَلُوا الوَاوَ لِليَاءِ قَبْلهَا ، فقَالُوا : الصَّيّاغ ، فإِبْدالُهم العَيْنَ الأولى مِنَ الصَّوّاغِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّها هِي الزَّائِدَةُ ؛ لأَنَّ الإِعْلالَ بالزَّائِدِ أَوْلَى مِنْهُ بالأَصْلِ.
والصِّيَاغَةُ ، بالكَسْرِ : حِرْفَتُه وعَمَلُه.
ويُقَالُ : سِهَامٌ صِيغَةٌ ، بالكَسْرِ ، أي : مُسْتَوِيَةٌ مِنْ عَمَلِ رَجُلٍ واحِدٍ ، وأَصْلُهَا الواوُ ، انْقَلَبَتْ ياءً لِكَسْرَةِ ما قَبْلَها ، قال العَجّاجُ :
وصِيغَةً قَدْ رَاشَهَا ورَكَّبَا |
|
وفارِجاً مِنْ قَضْبِ ما تَقَضَّبَا |
وَقال أَبُو حِزَامٍ العُكْلِيُّ :
وَمَعِي صِغَةٌ وَخَشاءُ فِيها |
|
شِرْعَةٌ جَشْرُها حر أَنْ يُكِيسَا |
وَهُوَ مَجَازٌ.
ويُقَال : هُوَ مِنْ صِيغَةٍ كَرِيمَةٍ أي : من أَصْلٍ كَرِيم وهُوَ مَجَازٌ ، نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ وابْنُ عَبّادٍ.
وهُمَا صَوْغانِ أي : سِيّانِ ، أَو هُمَا عَلَى لِدَة واحِدَةٍ ، عن ابْن دُرَيْدٍ.
وقال ابْنُ بُزُرْجَ ، وأَبُو عَمْرٍو : وهُوَ صَوْغُ أَخِيهِ ، مِثْلُ : سَوْغهِ بالسِّينِ ، أي : طَرِيدُهُ ، وُلِدَ في أَثَرِه ، قال الفَرّاءُ : بَنو سُلَيْمٍ ، وهَوازِنُ ، وأَهْلُ العالِيَةِ ، وهُذيْلٌ ، يَقولونَ : هُوَ أَخُوه صَوْغُهُ ، بالصَّادِ ، قال : وأَكْثَرُ الكَلامِ بالسِّينِ : سَوْغُه.
ويُقَالُ أَيْضاً : هُوَ صَوْغَةُ أَخِيهِ مِثْلُ سَوْغَةِ أَخِيهِ ، وقال ابنُ عَبّادٍ : هِي أُخْتُكَ صَوْغُكَ وصَوغَتُكَ وصاغَ لَهُ الشَّرَابُ : لُغَةٌ في ساغَ بالسِّينِ.
والصَيِّغُ ، كسَيِّدٍ : الكَذّابُ المُزَخْرِفُ حَدِيثَهُ وأَصْلُه صَيْوغٌ ، وقد تَقَدَّمَ قَرِيبًا ، وبِه فَسَّرَ الصّاغَانِيُّ قَوْلَ رُؤْبَةَ السّابِقَ في «ص ن غ».
والصَّيِّغَةُ بهاءٍ : الثَّرِيدَةُ ، نَقَلَهُ الفَرّاءُ.
والأَصْيَغُ : اسمُ وادٍ ، ويُقال نَهْرٌ ، قال الصّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ : وهُوَ غَيْرُ الأَصْبَغِ. قُلْتُ : وفِيهِ نَظَرٌ ، والصَّحِيحُ أَنّه تَصْحِيفٌ عَنْهُ (١) ، وبَعْضُهُم فَسَّرَ بِه قَوْلَ رُؤْبَةَ السابِقَ في «صبغ» :
آذِيَّ دُفّاعٍ كسَيْلِ الأَصْيَغِ
وصِيغٌ : ناحِيَةٌ بخُراسانَ ، وقد ذَكَرَهَا المُصَنِّف في
__________________
(١) ذكر ياقوت اللفظتين في ترجمتين مختلفتين ، وفيه : الأصبع بالباء ، اسم وادِ من ناحية البحرين ، أما الأصيغ هو وادٍ وقيل ماء ، ولم يحدد موقعه.