أَخْطَأَ ذُو الرُّمَّةِ في قولِه هذا لا تَدْخُلُ إِلَّا بَعْد تَنْفَكُّ وتَزَالُ إنَّما يقالُ ما زَالَ زَيْدٌ قائماً ، ولا يقالُ ما زَالَ زَيْدٌ إِلَّا قائماً ، لأَنَّ إلَّا تُحَقَّقُ ، وما زَالَ يَنْفِي ، وأَحْكَامُها مَبْسوطَةٌ في المُغْنِي والتّسْهيل وشُرُوحِهما ، وأَعَادَه المصنِّفُ في الأَلفِ اللَّيِّنة كما سَيَأْتِي الكَلامُ عَلَيه.
وأَلَّا بالفَتْحِ حَرْفُ تَحْضِيضٍ وحثٍّ تَخْتَصُّ بالجُمَلِ الفِعْلِيَّةِ الخَبَرِيَّةِ وهي لغةٌ في هلا وسَيَأْتي البَسْط فيه في «ه ل ل» وفي آخرِ الكِتابِ. والْأَلُّ : كسَحابٍ وكِتابٍ وعلى الأَوَّلِ اقْتَصَرَ الصَّاغانيُّ جَبَلٌ بعَرَفاتٍ ، وفي الرُّوضِ : جَبَلُ عَرَفَة ، أَو حَبْلُ رَمْلٍ بعَرَفاتٍ عَلَيه يقُومُ الإِمامُ قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ أَوْ حُبَيْل عنْ يَمينِ الإِمامِ بعَرَفَةَ قال النابغةُ الذُّبيانيُّ :
بمُصْطَحَباتٍ من تَصَافٍ وثَبْرَةٍ |
|
يَزُرْنَ أَلالاً سَيْرُهنَّ التَّدافُعُ (١) |
قال ياقوتُ : وقَدْ رُوِيَ الإِلُّ بالكسرِ ووَهِمَ مَنْ قالَ الإِلُّ كالخِلِّ وهذا الذي وَهِمَه فَقَدْ قالَ به غَيْر واحدٍ (٢) من الأَئِمَّة. قالَ ابنُ جِنّي : قالَ ابنُ حبيبٍ : الإِلُّ حَبْلٌ من رَمْلٍ يقفُ به الناسُ من عَرَفاتٍ عن يَمِيْن الإِمامِ ، وقد جاءَ ذِكْرُه في الحدِيثِ أَيْضاً ، وعَجِيْبٌ من المصنِّفِ إِنْكَارُه فتأمَّلْ.
قالَ ياقوتُ : وهذا المَوْضِعُ أَعْنِي الإِلّ أَرَادَ الرَّضِيُّ المُوْسَويّ :
فاقسِمُ بالوقوفِ على إلالٍ |
|
ومن شَهِدَ الجمارَ ومَنْ رَماهَا |
وأركانِ العتيقِ ومن بَناها |
|
وزمزمَ والمقام ومَنْ سقاها |
لأنتِ النفسُ خالصةً فإن لم |
|
تكونيها فأنتِ إذاً مُناها (٣) |
وأَمَّا وَجْه الاشْتِقَاقِ فقيلَ إِنَّه سُمِّيَ أَلالاً لأَنَّ الحَجِيْجَ إذَا رَأَوْهُ أَلُّوا في السَّيْرِ أَي اجْتَهَدُوا فيه ليدْرِكُوا المَوْقفَ قالَهُ السهيلِيّ. وأُلَلَةٌ كهُمَزَةٍ ع هكذا في النسخِ ومِثْلُه في التَّكْملةِ والصَّوابُ أُلَالَةُ كثُمَامَةٍ كما في العُبابِ والمُعْجمِ ، ومنه قَوْلُ عَمْرو بن أَحْمر البَاهِلِيّ :
لو كنت بالطِين أو بأُلَالة |
|
أَوْ بَرْبَعيص مع الجنانِ الأسودِ (٤) |
وقالَ نَصْرٌ : أُلالَةُ موضِعٌ بالشَّامِ.
قلْتُ : وهو صَحِيحٌ فإِنَّ برَّ بعيص أَيْضاً مَوْضِعٌ من أَعْمَالِ حَلَب وقد تقدَّم.
وألِلَتْ أَسْنانُهُ كفَرِحَ فَسَدَتْ عن اللَّحُيَانِيّ. وأَلِلَ السِّقاءُ أَرْوَحَتْ أَي تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُه وهو أَحَدُ ما جاءَ بإِظْهارِ التَّضْعِيفِ وأَلَّلَهُ أَي الشيء تأْليلاً حَدَّدَهُ أَي حَدَّدَ طَرَفَه وحَرَّفَه ، قالَ طَرَفَةُ بنُ العَبْدِ يَصِفُ أُذُنَيْ ناقَتِه بالحِدَّةِ والانْتِصابَ :
مُؤَلِّلتانِ يُعْرَفُ العِتْقُ فيهما |
|
كَسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ (٥) |
وقالَ خَلَفُ بنُ خلِيفة :
له شوكةٌ ألَّلتها الشفارُ |
|
يُؤلّفُ قرداً إلى قرده |
وأُذُنٌ مُؤَلَّلَةٌ : محدَّدَةٌ مَنْصُوبة مُلَطَّفة. والأَلَلانِ محرَّكةً وَجْها الكَتِفِ أَو اللَّحْمَتانِ المُتَطابِقَتان في الكَتِفِ بينَهُما فَجْوَةٌ على وَجْهِ عَظْمِ الكَتِفِ يَسيلُ بينَهُما ماءٌ إذا نُزعَ اللَّحْمُ منها وميزت إحْدَاهما عن الأُخْرَى ، وهذا قَوْلُ ابنِ الاعْرَابِيّ. وقالت امرأَةٌ من العَرَبِ لابْنِتِها لا تُهْدِي إلى ضَرَّتِك الكَتِفَ فإنَّ الماءَ يَجْرِي بَيْنَ أَلَلَيْها حَكَاه الأَصْمَعِي عن عِيسى بن أَبي إسْحق ، قالَ الأَزْهَرِيُّ : وإحدى هاتَيْن اللّحْمَتَيْن الرُّقيَّ وهي كالشَّحْمةِ البَيْضاءِ تكونُ في مَرْجِع الكَتِف ، وعَلَيها أُخْرى مِثْلها تُسَمَّى المأْتَى. والأَلَلُ أَيْضاً صَفْحَةُ السِّكِّينِ وَهُما (٦) أَلَلانِ وكذا وَجْها كلّ شيْءٍ عَرِيض. والأَلَلُ لُغَةٌ في اليَلَل لِقِصَرِ الأَسْنانِ وإِقْبالِها على غارِ الفَمِ نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ عن اللّحْيَانيّ وسَيَأْتي. والإِلَلُ : كعِنَبٍ القَراباتُ الواحِدَةُ إِلَّةٌ بالكسرِ عن الفرَّاءِ. والأُلَلُ كصُرَدٍ جَمْعُ أُلَّة بالضمِّ للرَّاعِيَةِ البَعِيدةِ المَرْعَى عن الرُّعاةِ عن الفرَّاءِ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ٨١ واللسان ومعجم البلدان «ألال».
(٢) بالأصل «أحد».
(٣) معجم البلدان «ألال» وعنه الضبط. وإلالٌ هنا جمع ألة مثل جفنة وجِفانِ ، قاله ياقوت.
(٤) صدره في معجم البلدان «ألالة» وفيه : «بالطبسين» وبر بعيص موضع.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ٢٨ من معلقته ، والصحاح واللسان.
(٦) عبارة : «والألل أيضاً صفحة السكين وهما» وضعت بالأصل خارج الأقواس على أنها ليست في القاموس ، والعبارة من متنه.