جماعَةٌ من الأَعْرابِ فما أَنْكَرُوا قَوْلَه ، قال : ويُحَقِّق ذلك قَوْلُه تَعَالَى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (١) انْتَهَى.
قلْتُ : وسَمِعْتُ أَيْضاً هكذا من فصحاءِ أَعْرَابِ الصَّفْراء يقُولُ واحدٌ للآخَرِ : أَنتَ تَسْتأْهِلُ يا فلان الخيْرَ وكذا سَمِعْتُ أَيْضاً من فصحاءِ أَعْرَابِ اليَمَنِ قالَ ابنُ بَرِّي ذَكَرَ أَبُو القاسِمِ الزجاجي في أَمَالِيه لأَبي الهَيْثَمِ خالد الكَاتبِ يُخَاطِبُ إِبْرَاهيم بن المَهْدِي لمَّا بُويع له بالخِلافةِ :
كُنْ أَنْت للرَّحْمَة مُسْتأْهِلاً |
|
إِن لم أَكُنْ منك بِمُسْتَأْهِل |
أَلَيْسَ من آفةِ هذا الهَوى |
|
بُكاءُ مقتولٍ على قاتِل؟ (٢) |
قالَ الزجاجي : مُسْتَأْهِل ليس من فصيحِ الكلامِ ، وقَوْلُ خالدٍ ليس بحجّة لأَنَّه مولَّدٌ واسْتَأهَلَ فلانٌ أَخَذَ الإِهالَة أَو أَكَلَها قالَ عَمْرُو بنُ أَسوى من عَبْدِ القَيْسِ :
لا بَلْ كُلِي ياميّ واسْتَأْهِلي |
|
إِن الذي أَنْفَقْتُ من مالِيَه (٣) |
ويقالُ اسْتَأْهِلي إِهالَتِي وأَحْسِني إِيالَتِي. والإِهالَةُ اسمٌ لِلشَّحْمِ والوَدَكِ أو ما أُذِيبَ منه أو من الزَّيْتِ وكلِّ ما ائْتُدِمَ به من الأَدْهانِ كزُبْدٍ وشَحْمٍ ودُهْنٍ سمْسِمِ. وفي المَثَلِ : سَرْعانَ ذا إِهالَةٍ ويُرْوى وَشْكانَ ذُكِرَ في حرفِ العَيْنِ في «س ر ع» وأشَرْنا اليه في وش ك أَيْضاً وآلُ الله ورسولِه أَولياؤهُ وأَنْصارهُ ومنه قَوْلُ عَبْدِ المطَّلِبِ جَدّ النبيِّ صلىاللهعليهوسلم ، في قصةِ الفيلِ :
وانصر على آل الصلي |
|
ب وعابديه اليوم آلك(٤) |
وأَصْلُهُ أَهْلٌ قيلَ : مَقْلُوبٌ منه وتَقَدَّمَ قَرِيباً في أَوَلَ وكانوا يسَمّون القرَّاءَ أَهْلُ الله. والإِهالة ككِتابةٍ ع وقال ابنُ عَبَّادٍ : يقولون إِنَّهم لأَهْلُ أَهِلَةٍ كفَرِحَةٍ أي مالٍ والأَهْلُ : الحُلُول. وأُهَيْلُ كزُبَيْرٍ (٥) ع نَقَلَهُ الصَّاغانيُّ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
يقُولُون : هو أَهْلة لكلِّ خيرٍ بالهاءِ عن ابن عبَّادٍ.
والأَهْلة أَيْضاً لغةٌ في أَهْلِ الدَّارِ والرَّجلِ قالَ أَبُو الطَّمَحانِ القِيْني :
وأَهْلةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيتُ وُدَّهم |
|
وأَبْلَيْتُهم في الجهد بَذْلي ونَائِلي (٦) |
أي رُبّ من هو أَهْلٌ للودِّ قد تَعَرّضْتُ له وبَذَلْتُ له في ذلك طاقتِي من نائِلٍ نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ. وقالَ يونُسُ : هم أَهْلُ أَهْلَة وأَهِلَه أَي هم أَهْلُ الخاصَّةِ. وقالَ أَبُو زَيْدٍ : يقالُ آهَلَكَ الله في الجنّة أي أَدْخَلكَها وزَوَّجَك فيها ، وقالَ غيرُه : أَي جَعَلَ لك فيها أَهْلاً يَجْمَعُك وإِيَّاهم.
وفي الأَسَاسِ : ثَرِيْدَة مَأْهُولَةٌ أي كثيرةُ الإِهَالَةِ. وفي المُفْرَدَاتِ : أَهْلُ الكِتابِ قرَّاءُ التَوْراةِ والإِنْجِيل ، والأَهْل أَصْحابُ الأَمْلاكِ والأَمْوَالِ وبه فسِّر قَوْلُه تَعَالَى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٧). والأَهْلِيَّة عبارَةٌ عن الصَّلاحِيَّةِ لوجوبِ الحقوقِ الشرعيَّةِ له أو عليه. وأَهْلُ الأَهْواءِ هم أَهْلُ القبْلَةِ الذين مُعْتَقَدهم غير مُعْتَقدِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وأَمْسَتْ نيرانُهم آهِلَةً أي كَثِيرَةَ الأَهْلِ.
وسويد الاهِلي بكسرِ الهاءِ الأَشْعَرِيّ صَحَابيّ ذَكَرَه ابنُ السَّكَنِ.
[أيل] : إِيلٌ بالكسرِ : اسمُ الله تعالى قالَ الأَصْمَعِي في معْنَى جبريل ومِيْكَائِيل معْنَى إِيْل الرُّبُوبيَّة فأُضِيْف جَبْر ومِيْكا إليه فكانَ معْنَاه عَبْد إيْل ورَجُل إِيْلِ. وقالَ اللَّيْثُ : هو بالعِبْرَانيَّة ، وهو اسمٌ من أَسْمَاءِ الله تعَالَى. قالَ الأَزْهَرِيُّ : وجائِزٌ أَنْ يكونَ أُعْرِب فقيلَ إِلٌّ. وقالَ السهيليّ في الرُّوْضِ : اسمُ جبريل عليهالسلام سُرْيانيّ ومَعْناه عَبْد الرَّحْمن أَو عَبْد العَزِيزِ هكذا جاءَ عن ابنِ عباسٍ رَضِيَ الله تعَالَى عنهما مَوْقوفاً ومَرْفوعاً والوَقْفُ أَصَح قالَ : وأَكْثَرُ
__________________
(١) سورة المدثر الآية ٥٦.
(٢) اللسان.
(٣) التهذيب واللسان.
(٤) الروض للسهيلي ، من أبيات ذكرها في سيرة ابن هشام وقد سقط منها البيت الشاهد :
لا همّ إن العبد يمنع رحله فامنع حلالك |
|
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدواً محالك |
إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
(٥) قيدها ياقوت بالنص بالفتح ثم السكون وياء مفتوحة.
(٦) اللسان.
(٧) سورة النساء الآية ٥٨.