جَزَمَ الشَّهابُ في شرحِ الشّفاء قالَ : وكَسْرُ صادِها خَطَأٌ ، جَزِيرَةٌ مَشْهورَةٌ بالمَغْربِ بَيْن أَفْرِيقية والأَنْدَلُس.
وقالَ ابنُ خَلَّكَان : هي في بحرِ المَغْربِ قُرْب أَفْرِيقيةَ.
وقالَ الرَّشاطيُّ : بالبَحْرِ الشَّامي موازِيَةً لبعضِ بِلادِ أَفْرِيقية طُولُها سَبْعَة أَيَّامٍ وعَرْضُها خَمْسة.
قلْتُ : وهي مُشْتَمِلَة على قُرًى كَثِيرةٍ وقد ذَكَرَ أَكْثَرها المصنِّفُ في مَوَاضِعِ من كتابِهِ هذا وقد اطَّلَعْت على تاريخ لها خاصَّة للشَّرِيفِ أَبي القاسِمِ الإِدْرِيسِيّ أَلَّفَه لمَلِكِها اجاز الإِفْرَنْجيّ ، وكانَ مُحبًّا لأَهْلِ العلمِ مُحْسِناً إليهم ، وقد تَخَرَّجَ منها جماعَةٌ من الأَعْلامِ في كلِّ فنٍّ منهم أَبُو الفَضْل العَبَّاسُ بنُ عَمْرِو بنِ هرُون الكنانيّ الصقلِيُّ خَرَجَ منها إلى القَيْرَوان ثم قَدِمَ الأَنْدَلُس ، وكان حَسَن المُحاضَرَةِ خَبِيراً بالرَّدِّ على أَصْحابِ المَذَاهِب ، حَدَّثَ عن أَحْمدَ بنِ سَعِيدٍ الصقليّ وأَبي بَكْرٍ الدَّيْنُورِيّ وتُوفي سَنَة ٢٧٩ ، قالَهُ ابنُ الفَرَضِيّ ومنهم أَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ الفَرَجِ بنِ عبدِ الرَّحْمن الصقليُّ قاضِي مَكَّةَ عن أَبي بَكْرٍ محمدُ بنُ سَعْدٍ (١) الاسْفَرَايني صاحِبُ أَبي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيليّ وأَبي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ ، وعنه الحافِظُ أَبُو القاسِمِ هبَةُ اللهِ بنُ عبدِ الوَارِثِ الشِّيْرَازِيُّ وأَبُو بكْرٍ محمدُ بنُ عَبْدِ البَاقي الأَنْصَارِيُّ ، قالَهُ ابنُ الأَثيرِ ، ومنهم أَبُو محمدٍ عبدُ الجَبَّارِ بنُ أَبي بكْرٍ بنِ محمدِ بنِ حمديس الصقليُّ الشاعِرُ وله أَبْياتٌ يَتَشوَّقُ فيها إلى بَلَدِه صقلية منها :
ذكرتُ صِقِلّيّة والأسا |
|
يُجَدَّدُ للنَّفْسِ تذكارَها |
فإن أَكُ أُخرجتُ من جنّةٍ |
|
فإني أُحَدّثُ أَخْبَارَها |
ولولا ملوحة ماءِ البِكى |
|
حسبتُ دُمُوعي أَنْهارَها (٢) |
تَرْجَمه ابنُ بَسَّام في الذَّخِيْرَةِ ، قالَ : ودَخَلَ الأَنْدَلُس ومَدَحَ المُعْتَمِد بن عَبَّاد ، وله دِيْوانٌ مَشْهورٌ تُوفي سَنَة ٥٢٧ نَقَلَه شيْخُنا. وصِقِلِّيانُ أَيْضاً أَي بكَسْراتٍ مُشَدَّد اللَّامِ ، ع بالشامِ كما في العُبَابِ.
والصَّقْلاءُ ع ، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
وخَطَيبٌ مِصْقَلٌ أَي مِصْلَقٌ ، وهو البَلِيغُ وأَنْشَدَ ثَعْلَب :
إذا هُمُ ثاروا وإِنْ هُمْ أَقْبلوا |
|
أَقْبَلَ مِمْسَاحٌ أَرِيبٌ مِصْقَلُ (٣) |
فَسَّرَه فقَالَ : إنَّما أَرَادَ مِصْلَق فقَلَبَ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
الصَّقيلُ : السَّيفُ.
والصُّقْلَةُ ، بالضمِ ، الضمورُ والدِّقَّةُ ، ومنه حدِيثُ أُمِّ مَعْبَد الخزَاعِيَّةُ : لم تُزْرِ به صُقْلَةٌ ، ولم تُعِبْه ثُجْلَةٌ» ، أَي دِقَّةٌ ونُحُولٌ. وقالَ بعضُهم : أَرَادَت أَنّه لم يَكُنْ مُنتفِخَ الخاصِرَة جِدًّا ولا ناحِلاً جِدًّا ، ويُرْوَى بالسِّيْن على الإبْدالِ ، ويُرْوَى صَعْلَة وقد ذُكِرَ.
والصَّقَلُ ، محرَّكةً ، إنْهِضَامُ الصُّقْل.
ويقولُ أَحَدُهم لصاحِبِه : هل لَكَ في مَصْقُولِ الكِساءِ؟ أَي في لَبَنٍ قد دَوَّى دوايَةً رَقِيقَةً ، قالَ الرَّاجِزُ :
فَهْو إذا ما اهْتَافَ أَو تَهَيَّفا |
|
يُبْقِي الدُّوَاياتِ إذا تَرَشَّفا |
عن كُلِّ مَصْقُول الكِساءِ قد صَفَا (٤)
اهْتَافَ أَي جَاعَ وعَطِشَ ، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ لعَمْرو بنِ الأَهْتَم المِنْقَرِيّ :
فبَاتَ له دونَ الصَّفَا وهي قَرَّةٌ |
|
لِحَافٌ ومَصْقُولُ الكِساءِ رَقيقُ (٥) |
أَي باتَ له لِباسٌ وطعامٌ ، هذا قَوْلُ الأَصْمَعِيّ ، وأَجْرَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ على ظاهِرِه فقالَ : أَرَادَ بمَصْقُول الكِساءِ مِلْحَفَةً تَحْتَ الكِساءِ حَمْرَاء ، فقيلَ له : إنَّ الأَصْمَعِيَّ يقولُ أَرَادَ به رَغْوَةَ اللَّبَنِ ، فقالَ : إِنَّه لَمَّا قالَهُ اسْتَحَى أَنْ يَرْجعَ عنه.
__________________
(١) اللباب : ابن أبي سعد.
(٢) الأول والثاني في معجم البلدان «صقلية» وفيه : والهوى بدل والأسى وصدر الثاني : فإن كنت أخرجت من جنّة.
(٣) اللسان.
(٤) الرجز في اللسان والتهذيب والأساس ، وفيها : «ينفي» بدل «يبقى».
(٥) اللسان والتكملة والتهذيب والأساس.