أمته فيه بالشفاعة إلى الله ، واتباعه بالثناء والحمد والدعاء ، وهذه هي الصلاة التي كانت مكتوبة إذ ذاك على أموات أهل الاسلام ، ولو كان أبو طالب مات كافرا لما وسع رسول الله صلىاللهعليهوآله الثناء عليه بعد الموت ، والدعاء له بشئ من الخير ، بل كان يجب عليه اجتنابه ، واتباعه بالذم واللوم على قبح ما أسلفه من الخلاف له في دينه ، كما فرض الله عز وجل ذلك عليه للكافرين ، حيث يقول : (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (١).
وفي قوله : (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) (٢).
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، ثبت أن أبا طالب رضي الله عنه مات مؤمنا ، بدلالة فعله ومقاله ، وفعل نبي الله صلىاللهعليهوآله به ومقاله ، حسبما شرحناه.
ويؤكد ذلك ما أجمع عليه أهل النقل من العامة والخاصة ، ورواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقات من أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل فقيل له : ما تقول في عمك أبي طالب ، يا رسول الله ، وترجو له؟ قال : «أرجو له كل خير من ربي» (٣).
فلولا أنه رحمة الله عليه مات على الإيمان لما جاز من رسول
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٨٥.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١١٥.
(٣) الحجة على الذاهب : ٩٤ ، شرح نهج البلاغة ١٤ : ٦٨ ، تاريخ الاسلام للذهبي ١ : ١٣٨.