وجزيت خيرا ، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، وآزرت ونصرت كبيرا».
ثم أقبل على الناس ، فقال : «أما والله ، لأشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين» (١).
وفي هذا الحديث دليلان على إيمان أبي طالب رضي الله عنه :
أحدهما : أمر رسول الله عليا صلوات الله عليهما وآلهما بغسله وتكفينه دون الحاضرين من أولاده ، إذ كان من حضره منهم سوى أمير المؤمنين إذ ذاك على الجاهلية ، لأن جعفرا رحمه الله كان يومئذ ببلاد الحبشة ، وكان عقيل وطالب حاضرين ، وهما يومئذ على خلاف الاسلام ، لا يسلم واحد منهما بعد ، وأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام مؤمن بالله تعالى ورسوله ، فخص المؤمن منهم بولاية أمره ، وجعله أحق به منهما ، لإيمانه ووفاقه إياه في دينه.
ولو كان أبو طالب رضي الله عنه مات على ما يزعم النواصب كافرا ، كان عقيل وطالب أحق بتولية أمره من علي عليه الصلاة والسلام ولما جاز للمسلم من ولده القيام بأمره ، لانقطاع العصمة بينهما.
وفي حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليه الصلاة والسلام به دونهما وأمره إياه بإجراء أحكام المسلمين عليه من الغسل والتطهير والتحنيط والتكفين والمواراة ، شاهد صدق في إيمانه على ما بيناه.
والدليل الآخر : دعاء النبي صلىاللهعليهوآله [له] (٢) بالخيرات ، ووعده
__________________
(١) الحجة على الذاهب : ٢٩٨ ، شرح نهج البلاغة ١٤ : ٧٧.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.