تاج العروس [ ج ١٨ ]

قائمة الکتاب

    البحث

    البحث في تاج العروس

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    إضاءة الخلفية
    200%100%50%
    بسم الله الرحمن الرحيم
    عرض الکتاب

    ضبْطِهما ، وأَمَناً وأَمَنَةً ، محرَّكتينِ ، وإِمْناً ، بالكسْرِ وهذه عن الزجَّاج. وفي التنْزِيلِ العَزيزِ : (أَمَنَةً نُعاساً) (١) نُصِبَ لأنَّه مَفْعولٌ له كقوْلِكَ فعَلْتُ ذلكَ حَذَرَ الشَّرِّ ؛ ومنه حدِيثُ نُزولِ عيسَى ، عليه‌السلام : «وتَقَعُ الأَمَنَةُ في الأرضِ» ، أَي الأَمْنُ. فهو أَمِنٌ وأَمِينٌ ، كفَرِحٍ وأَميرٍ : عن اللّحْيانيّ.

    ورَجُلٌ أُمَنَةٌ ، كهُمَزَةٍ ويُحَرَّكُ : يأْمَنُهُ كلُّ أَحَدٍ في كلِّ شي‌ءٍ ؛ ونَقَلَ الجوْهرِيُّ اللّغَتَيْن.

    وقَرَأَ أَبو جَعْفرٍ المَدَنيُّ : لسْتُ مُؤْمِناً أَي لا نُؤَمِّنك ؛ وقد آمَنَهُ ، بالمدِّ ، وأَمَّنَهُ ، بالتّشْدِيدِ على كذا.

    والأَمِنُ ، ككَتِفٍ : المُسْتَجِيرُ ليَأْمَنَ على نَفْسِه ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.

    وقُرِى‌ءَ في سورَةِ بَراءَة : إنَّهم لا إيمانَ لهم (٢) ، بالكسْرِ ، أَي لا إجارَةَ ، أَي لم يَفُوا وغَدَروا.

    والأَمانَةُ والأَمَنَةُ ، محرَّكةً : ضِدُّ الخِيانَةِ ، وقد أَمِنَهُ ؛ وقالَ اللَّحْيانيُّ : رَجُلٌ أَمَنةٌ ، محرَّكةٌ : لا يُصَدِّق بكلِّ ما سمعَ ولا يُكَذِّبُ بشي‌ءٍ ، كسَمِعَ وأَمَّنَهُ تأْمِيناً وائْتَمَنَه واسْتَأْمَنَه بمعْنًى واحِدٍ.

    وقَرَأَ : ما لَكَ لا تأْمَننا على يوسفَ (٣) بينَ الإِدغامِ والإِظهارِ.

    قالَ الإِمامُ الأَخْفَش : والإِدْغامُ أَحْسنُ. وتقولُ : اؤْتُمِن فلانٌ ، على ما لم يُسمَّ فاعلُه ، فإن ابْتَدَأَتَ به صيَّرْتَ الهَمْزَةَ الثانيَةَ واواً ، لأنَّ كلَّ كلمةٍ اجْتمَعَ في أَوَّلِها هَمْزتانِ وكانت الأُخْرى منهما ساكِنَةً ، فلكَ أَن تُصَيِّرها واواً إن كانتِ الأُولى مَضْمومَة ، أَو ياءً إن كانتِ الأُولى مكْسورَةً نحو إِيتَمَنه ، أَو أَلِفاً إن كانتِ الأُولى مَفْتوحَةً نحو آمَنُ ؛ كما في الصِّحاحِ.

    وفي الحدِيثِ : «المُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» ؛ مُؤْتَمَنُ القوْمِ : الذي يثِقُون إليه ويتَّخِذُونَه أَمِيناً حافِظاً. ويقالُ : ما كانَ فلانٌ أَمِيناً ، وقد أَمُنَ ، كَكَرُمَ ، فهو أَمينٌ وأُمَّانٌ ، كرُمَّانٍ ، أَي له دينٌ ، وقيلَ : مَأْمونٌ به ثِقَةٌ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للأَعْشَى :

    ولَقَدْ شَهِدْتُ التَّاجرَ

    الأُمَّانِ مَوْروداً شرابُهْ (٤)

    وما أَحْسَنَ أَمْنَكَ ، بالفتْحِ ويُحَرَّكُ ، أَي دينَكَ وخُلُقَكَ ؛ نَقَلَهُ ابنُ سِيِّدَه وآمَنَ به إِيماناً : صَدَّقَهُ.

    والإِيمانُ : التَّصدِيقُ ، وهو الذي جَزَمَ به الزَّمَخْشَريُّ في الأساسِ واتَّفَقَ عليه أَهْلُ العلْمِ مِن اللّغَويِّين وغيرِهم.

    وقالَ السَّعْد ، رحِمَه اللهُ تعالى : إنَّه حَقيقَةٌ وظاهِرُ كَلامِه في الكشاف أنَّ حَقيقَةَ آمَنَ به آمَنَه التّكْذِيبَ ، لأنَّ أَمَنَ ثُلاثيَّا مُتَعدِّ لواحِدٍ بنفْسِه ، فإذا نقل لبابِ الأَفْعالِ تعدَّى لاثْنَيْن ، فالتَّصْدِيق عليه معْنَى مجازِي للإيمانِ وهو خِلافُ كَلامِه في الأَساسِ ، ثم إنَّ آمن يتعدَّى لواحِدٍ بنفْسِه وبالحَرْفِ ولاثنين بالهَمْزَةِ ، على ما في الكشافِ والمصْباحِ وغيرِهِ.

    وقيلَ : إنه بالهَمْزَةِ يتعدَّى لواحِدٍ كما نَقَلَه عبدُ الحكِيمِ في حاشِيَةِ القاضِي.

    وقالَ في حاشِيَةِ المطول : أَمَن يتعدَّى ولا يتَعدَّى.

    وقالَ بعضُ المُحَقّقين : الإيمانُ يتعدَّى بنفْسِه كصَدَّق ، وباللامِ باعْتِبارِ معْنَى الإذْعانِ ، وبالباءِ باعْتِبارِ معْنَى الاعْتِرافِ إشارَةً إلى أَنَّ التَّصْدِيقَ لا يُعْتَبرُ بدُون اعْتِرافٍ.

    وقد يكونُ الإِيمانُ بمعْنَى : الثِّقَةُ يتعدَّى بالباءِ بِلا تَضْمِينٍ ؛ قالَهُ البَيْضاوِي ، رحِمَه اللهُ تعالَى.

    وقالَ الجوْهرِيُّ : أَصْلُ آمَنَ أَأْمَنَ بهَمْزَتَيْن ، لُيِّنَت الثانِيَةُ.

    وقالَ الأزْهرِيُّ : أَصْلُ الإِيمانِ الدُّخولُ في صِدْقِ الأمانَةِ التي ائْتَمَنَه اللهُ تعالَى عليها ، فإنِ اعْتَقَدَ التَّصْديقَ بقلْبِه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدَّى الأَمانَةَ وهو مُؤْمنٌ ، ومن

    __________________

    (١) آل عمران ، الآية ١٥٤.

    (٢) التوبة ، الآية ١٢ والقراءة : (أَيْمانَ) بفتح الهمزة.

    (٣) يوسف ، الآية ١١ والقراءة : (لا تَأْمَنّا).

    (٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٢ واللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١ / ١٣٤.