ضبْطِهما ، وأَمَناً وأَمَنَةً ، محرَّكتينِ ، وإِمْناً ، بالكسْرِ وهذه عن الزجَّاج. وفي التنْزِيلِ العَزيزِ : (أَمَنَةً نُعاساً) (١) نُصِبَ لأنَّه مَفْعولٌ له كقوْلِكَ فعَلْتُ ذلكَ حَذَرَ الشَّرِّ ؛ ومنه حدِيثُ نُزولِ عيسَى ، عليهالسلام : «وتَقَعُ الأَمَنَةُ في الأرضِ» ، أَي الأَمْنُ. فهو أَمِنٌ وأَمِينٌ ، كفَرِحٍ وأَميرٍ : عن اللّحْيانيّ.
ورَجُلٌ أُمَنَةٌ ، كهُمَزَةٍ ويُحَرَّكُ : يأْمَنُهُ كلُّ أَحَدٍ في كلِّ شيءٍ ؛ ونَقَلَ الجوْهرِيُّ اللّغَتَيْن.
وقَرَأَ أَبو جَعْفرٍ المَدَنيُّ : لسْتُ مُؤْمِناً أَي لا نُؤَمِّنك ؛ وقد آمَنَهُ ، بالمدِّ ، وأَمَّنَهُ ، بالتّشْدِيدِ على كذا.
والأَمِنُ ، ككَتِفٍ : المُسْتَجِيرُ ليَأْمَنَ على نَفْسِه ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.
وقُرِىءَ في سورَةِ بَراءَة : إنَّهم لا إيمانَ لهم (٢) ، بالكسْرِ ، أَي لا إجارَةَ ، أَي لم يَفُوا وغَدَروا.
والأَمانَةُ والأَمَنَةُ ، محرَّكةً : ضِدُّ الخِيانَةِ ، وقد أَمِنَهُ ؛ وقالَ اللَّحْيانيُّ : رَجُلٌ أَمَنةٌ ، محرَّكةٌ : لا يُصَدِّق بكلِّ ما سمعَ ولا يُكَذِّبُ بشيءٍ ، كسَمِعَ وأَمَّنَهُ تأْمِيناً وائْتَمَنَه واسْتَأْمَنَه بمعْنًى واحِدٍ.
وقَرَأَ : ما لَكَ لا تأْمَننا على يوسفَ (٣) بينَ الإِدغامِ والإِظهارِ.
قالَ الإِمامُ الأَخْفَش : والإِدْغامُ أَحْسنُ. وتقولُ : اؤْتُمِن فلانٌ ، على ما لم يُسمَّ فاعلُه ، فإن ابْتَدَأَتَ به صيَّرْتَ الهَمْزَةَ الثانيَةَ واواً ، لأنَّ كلَّ كلمةٍ اجْتمَعَ في أَوَّلِها هَمْزتانِ وكانت الأُخْرى منهما ساكِنَةً ، فلكَ أَن تُصَيِّرها واواً إن كانتِ الأُولى مَضْمومَة ، أَو ياءً إن كانتِ الأُولى مكْسورَةً نحو إِيتَمَنه ، أَو أَلِفاً إن كانتِ الأُولى مَفْتوحَةً نحو آمَنُ ؛ كما في الصِّحاحِ.
وفي الحدِيثِ : «المُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» ؛ مُؤْتَمَنُ القوْمِ : الذي يثِقُون إليه ويتَّخِذُونَه أَمِيناً حافِظاً. ويقالُ : ما كانَ فلانٌ أَمِيناً ، وقد أَمُنَ ، كَكَرُمَ ، فهو أَمينٌ وأُمَّانٌ ، كرُمَّانٍ ، أَي له دينٌ ، وقيلَ : مَأْمونٌ به ثِقَةٌ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للأَعْشَى :
ولَقَدْ شَهِدْتُ التَّاجرَ |
|
الأُمَّانِ مَوْروداً شرابُهْ (٤) |
وما أَحْسَنَ أَمْنَكَ ، بالفتْحِ ويُحَرَّكُ ، أَي دينَكَ وخُلُقَكَ ؛ نَقَلَهُ ابنُ سِيِّدَه وآمَنَ به إِيماناً : صَدَّقَهُ.
والإِيمانُ : التَّصدِيقُ ، وهو الذي جَزَمَ به الزَّمَخْشَريُّ في الأساسِ واتَّفَقَ عليه أَهْلُ العلْمِ مِن اللّغَويِّين وغيرِهم.
وقالَ السَّعْد ، رحِمَه اللهُ تعالى : إنَّه حَقيقَةٌ وظاهِرُ كَلامِه في الكشاف أنَّ حَقيقَةَ آمَنَ به آمَنَه التّكْذِيبَ ، لأنَّ أَمَنَ ثُلاثيَّا مُتَعدِّ لواحِدٍ بنفْسِه ، فإذا نقل لبابِ الأَفْعالِ تعدَّى لاثْنَيْن ، فالتَّصْدِيق عليه معْنَى مجازِي للإيمانِ وهو خِلافُ كَلامِه في الأَساسِ ، ثم إنَّ آمن يتعدَّى لواحِدٍ بنفْسِه وبالحَرْفِ ولاثنين بالهَمْزَةِ ، على ما في الكشافِ والمصْباحِ وغيرِهِ.
وقيلَ : إنه بالهَمْزَةِ يتعدَّى لواحِدٍ كما نَقَلَه عبدُ الحكِيمِ في حاشِيَةِ القاضِي.
وقالَ في حاشِيَةِ المطول : أَمَن يتعدَّى ولا يتَعدَّى.
وقالَ بعضُ المُحَقّقين : الإيمانُ يتعدَّى بنفْسِه كصَدَّق ، وباللامِ باعْتِبارِ معْنَى الإذْعانِ ، وبالباءِ باعْتِبارِ معْنَى الاعْتِرافِ إشارَةً إلى أَنَّ التَّصْدِيقَ لا يُعْتَبرُ بدُون اعْتِرافٍ.
وقد يكونُ الإِيمانُ بمعْنَى : الثِّقَةُ يتعدَّى بالباءِ بِلا تَضْمِينٍ ؛ قالَهُ البَيْضاوِي ، رحِمَه اللهُ تعالَى.
وقالَ الجوْهرِيُّ : أَصْلُ آمَنَ أَأْمَنَ بهَمْزَتَيْن ، لُيِّنَت الثانِيَةُ.
وقالَ الأزْهرِيُّ : أَصْلُ الإِيمانِ الدُّخولُ في صِدْقِ الأمانَةِ التي ائْتَمَنَه اللهُ تعالَى عليها ، فإنِ اعْتَقَدَ التَّصْديقَ بقلْبِه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدَّى الأَمانَةَ وهو مُؤْمنٌ ، ومن
__________________
(١) آل عمران ، الآية ١٥٤.
(٢) التوبة ، الآية ١٢ والقراءة : (أَيْمانَ) بفتح الهمزة.
(٣) يوسف ، الآية ١١ والقراءة : (لا تَأْمَنّا).
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٢ واللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١ / ١٣٤.