الله سبحانه وتعالى لم يعد رسله ولا خلقه المؤمن منهم والكافر ، لم يعدهم بأنه يحمي رسله جسدياً بحيث لا تنالهم اليد الآثمة بأذى أو بقتل وهو أشد أنواع الأذى.
إذن ، فالله سبحانه وتعالى كتب ( لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ، يعني أنّ الله إذا يعد لا يخلف ، لأن الخلف إما أن يكون لضعف والله سبحانه وتعالى قويّ لا ضعف له ، أو لأن هناك من هو أقوى منه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فهذا الوعد متى يأتي ؟ لابدّ وأن يكون هذا الوعد هو الذي يأتي على يد مهدي هذه الأمة في آخر حياة الإنسانية ، وهو أكمل أشواط حياتها بصورة قطعية ، وتملك هذه الحياة من الزمن والمدة ما تقرّ بها عين الإنسانية ، وإلاّ لكانت الإنسانية لا تكون إلاّ كمن يأتي الله سبحانه وتعالى بأمنيته بعدما عاش مائة سنة في آخر لحظة من لحظات حياته ، هذه الامنية سوف تكون عليه حسرة ولا تكون ممن يستمتع بها.
وأيضاً قوله تعالى : ( نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ... وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ) (١).
( نُرِيدُ أَن نَمُنَّ ) معنى ذلك أن هذه سيرة الله ، لا تختص بموسى وفرعون لأن الله سبحانه وتعالى يأتي ب ( نُرِيدُ أَن نَمُنَّ ) لا : أردنا أن نمن ، كما قال عزّ مِنْ
__________________
(١) سورة القصص ٣ ـ ٥.