العصر غلبة فيزيائية ، فالله سبحانه وتعالى يقول : ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ ) يخاطب اليهود ( بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) (١) ، أمن الصحيح لكم هذا الخُلُق الذي سرتم عليه أيها اليهود بأنكم تحبون أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الذي يؤمّن رغباتكم ، لا أنه هو الذي يهيمن عليكم ، (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) يؤكدها في آية اخرى : ( كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ) (٢) ، ( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٣) ، آيات كثيرة تؤكد أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً ، كُذِّبوا ، كُذِّب بعض وكُذِّب آخرون وقتلوا ، لا أنّ اليهود كانوا يقتلون الذين يصفونهم بالصدق من الأنبياء الصادقين الذين يؤمنون بصدقهم ، والذين يبقون على حياتهم كانوا يكذّبونهم.
إن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول لليهود بأنكم إن جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم أنتم تجدون أنفسكم أكبر من الله سبحانه وتعالى ، فإنكم تَرَوْن أنّ أنفسكم هي التي تفرض على الله سبحانه وتعالى أن يلبّي رغباتكم كما تشتهون ، لا أن الله سبحانه وتعالى يكون هو المهيمن عليكم كما يحب ويحكم به عدله وحكمته ، ففريقاً اكتفيتم بتكذيبهم لأنكم لم تتمكنوا من قتلهم أو لعوامل أخرى ، وفريقاً آخرين كذبتم وقتلتم.
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٧.
(٢) سورة المائدة : ٧٠.
(٣) سورة البقرة : ٩١.