وغاب أو مات ، وكان الوعد وصية منه ينجزها غيره ، فيكون ذلك الذي ينجّز من الممكن أنْ يتساهل ويتكاسل أو يتغافل أو يغفل أو ينسى أو يجهل ، ( وَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيداً ) الله سبحانه وتعالى الذي يشهد الخلق ، فان وعد وعداً فهو الذي يجعل وعده لا خلف فيه.
فهذا الوعد القاطع الذي لا يصح لمسلم أن لا يؤمن به ولا يصح لغير مسلم أن يغفله في تأريخ الفكر الإسلامي ، يعني غير المسلم قد لا يؤمن بالقرآن الكريم ككتاب منزل من قبل الله سبحانه وتعالى ، بل قد لا يؤمن بأن لهذا الكون خالقاً ، أو يشرك الله بغيره من أنداد يجعلها لله سبحانه وتعالى ، ولكنه حينما يقرأ القرآن الكريم يجد هذا الوعد وعداً قاطعاً صريحاً لا لبس فيه ولا إبهام فيه.
فإذن هذا الوعد وعدٌ يؤمن به كل مسلم ووعدٌ يأخذ به كلّ من يؤرّخ الدين الإسلامي ، ولا يتحقق هذا الوعد إلاّ إذا قلنا بأن أئمة الهدى سوف يتحقق بهم في شوطهم الأخير أكمل أشواط الإنسانية في تأريخها الطويل ، وخاتمهم وهو مهديهم سلام الله عليهم أجمعين سوف يكون هو الذي يحقق الله سبحانه وتعالى على يديه هذا الوعد الذي وعد به وعداً صريحاً أكده في ثلاث آيات كريمة.
وأيضاً قوله تعالى : ( كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (١).
( كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ) أي غلبة ؟ غلبة مادية ؟ الله سبحانه وتعالى لم يعد رسله ولا خلقه بأنه هو ورسله يغلبون غلبة ماديّة كما يعبر في هذا
__________________
(١) سورة المجادلة : ٢١.