عندها الأمل ، ولكن هذا الوعد ، وعدٌ قاطعٌ بأنه لابدّ وأن يكون هذا المغيّب الذي غيّبه الله سبحانه وتعالى بأمر منه أن يكون هو الذي يأمر بظهوره حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
فإذن إمامة المهدي إمامة إلهية ، لأن كلمة يبعث تدلّ عليها ، وظهور المهدي ظهورٌ إلهي ، لا ظهورٌ الهي بالمعنى العرفاني ، يعني ظهوراً بأمر خاص من الله سبحانه وتعالى ، كما يعبر عنه الحديث الذي يروى عن أمير المؤمنين سلام الله عليه : « المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » (١) ، معنى « يصلحه الله في ليلة » يعني حوائجه ـ وليس معناه : أن الله سبحانه وتعالى يهيّء له عرش السفر في ليلة واحدة ويأخذ له تذاكر السفر !! ـ أي بعد أن يكون عليه الصلاة والسلام لا يأمل بقرب ظهوره وانتهاء أمد غيبته في ليلة يأمر الله سبحانه وتعالى له فيظهر في صبيحتها ، هذا معنى يصلح الله أمره في ليلة.
إذن فالمهدي هذا إمامٌ إلهي لا إمام اخترناه فرضي الله لنا ما اخترنا بخيرتنا نحن ، وغيبته غيبة الهية وظهوره ظهور إلهي ، ومثل هذا الإمام لا يكون إلاّ من جنس أئمتنا نحن الإمامية.
وهنا كلمة فسّرها إخواننا حيث يقولون في عدد الأئمة « الأئمة بعدي اثنا عشر » ، يقولون : إن الذين يخلفون على الأمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم عدول لا يجورون ولا يظلمون اثنا عشر ، ويجمعون الخلفاء الراشدين ، ومعاوية هم يجرجرون به إلى الخلافة لا إلى النار وبعد ذلك يحتارون مَن ؟ قد يصلون إلى السفاح والمنصور وكذا وكذا ، هؤلاء لا تربطهم رابطة سوى أنهم انتزعوا من
__________________
(١) مسند أحمد ١ : ٨٤ ح ٦٤٦ ، كنز العمال ١٤ : ٢٦٤ ح ٣٨٦٦٤.