وقد جاءَتْ الأُمَّهَةُ فيمَا لا يَعْقِل ؛ كلُّ ذلِكَ عن ابنِ جنِّي.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : يقالُ في جَمْعِ الأُمِّ مِن غيرِ الآدَمِيِّين أُمَّاتٌ ، وأَمَّا بَناتُ آدَمَ فأُمَّهاتٌ. والقُرْآنُ نَزَلَ بأُمَّهاتٍ ، وهو أَوْضَحُ دَلِيلٍ على أَنَّ الواحِدَةُ أُمَّهَةٌ.
قالَ : وزِيدَتِ الهاءُ في أُمَّهاتٍ لتكونَ فرْقاً بينَ بَناتِ آدَمَ وسائِرِ الحيوانِ ، قالَ : وهذا القَوْلُ أَصحُّ القَوْلَيْن.
وتَأَمَّهَ أُمَّا : اتَّخَذَها ، كأَنَّه مِن الأُمَّهَةِ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وهذا يُقَوِّي كون الهاء أَصْلاً ، لأَنَّ تَأَمَّهْتُ تَفَعَّلْتُ بمنْزِلَةِ تَفَوَّهْتُ وتَنَبَّهْتُ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
الأَمَهُ ، بالفتْحِ : النِّسيانُ ؛ رُوِي ذلِكَ عن أَبي عبيدَةَ.
قالَ الأَزْهرِيُّ : وليسَ ذلكَ بصَحيحٍ.
قالَ : وكانَ أَبو الهَيْثم فيمَا أَخْبَرني عنه المُنْذرِي يقْرَأُ : بعد أَمَهٍ ، قالَ : وهو خَطَأٌ.
وقالَ ابنُ بَرِّي : أُمَّهَةُ الشَّبابِ : كِبْرُه وتِيهُهُ.
* قُلْتُ : وكأَنَّ مَيمَه بدلٌ من باءِ أُبَّهَةٍ.
[أنه] : أَنَهَ يَأْنِهُ ، من حَدِّ ضَرَبَ ، أَنها ، بالفتْح ، وأُنوهاً ، بالضَّمِّ ، مثْلُ أَنَحَ يَأْنِحُ ، وذلِكَ إِذا تَزَحَّرَ من ثِقَلٍ يَجِدُه ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ عن الأَصْمعيّ.
وأَنَهَ يَأْنهُ : إِذا حَسَدَ.
ورجُلٌ أَنِهٌ ، كخَجِلٍ ، أَي حاسِدٌ ، وكذلِكَ نافِسٌ ونَفِيسٌ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
رجالٌ أُنَّهٌ ، كسُكَّر ، مِثْلُ أُنَّحٍ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لرُؤْبَة يَصِفُ فَحْلاً :
رَعَّابَةٌ يُخْشِي نُفوسَ الأُنَّهِ |
|
بِرَجْسِ بَهْباهِ الهَدِيرِ البَهْبَهِ (١) |
أَي يَرْعَبُ نُفوسَ الذين يَأْنِهُونَ ؛ كما في الصِّحاحِ.
والأَنِيهُ ، كأَمِيرٍ : الزَّحيرُ عند المسأَلةِ ؛ نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه.
وإِنِيه ، بكسْرَتَيْن : صَوْتُ رزمةِ السَّحابِ ، عن ابنِ جنِّي ، وبه فُسّر قَوْل الشاعِرِ :
بينما نحن مرتعون بفَلج |
|
قالت الدلح الرواء إِنيه |
[أوه] : أَوْهُ بسكونِ الواوِ والحَرَكاتِ الثلاثِ ، كجَيْرِ وحيثُ وأَيْنَ ، وعلى الأُولى اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ وأَنْشَدَ :
فأَوْهِ لذِكْراها إِذا ما ذَكَرتُها |
|
ومن بُعْدِ أَرْضٍ بيننا وسماءِ (٢) |
* قُلْتُ : هكذا أَنْشَدَه الفرَّاءُ في نوادِرِه.
قالَ ابنُ بَرِّي : ومثْلُ هذا البَيْت :
فأَوْهِ على زِيارَةِ أُمِّ عَمْروٍ |
|
فكيفَ مع العِدَا ومعَ الوُشاةِ؟ (٣) |
واللُّغةُ الثَّالثةُ ذَكَرَها ابنُ سِيدَه.
قالَ الجوْهرِيُّ : ورُبَّما قَلَبُوا الواوَ أَلِفاً فقالوا : آهِ من كذا ، بكسْرِ الهاءِ.
* قُلْتُ : وبه يُرْوَى البَيْتُ المَذْكُور أَيْضاً ؛ وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيُّ :
آهِ من تَيَّاكِ آهَا |
|
تَرَكَتْ قلبي مُتاها (٤) |
ورُبَّما قالوا : أَوِّهِ ، بكسْرِ الهاءِ والواوِ المُشَدَّدَةِ.
وفي الصِّحاحِ : بسكونِ الهاءِ مع تَشْديدِ الواوِ ، قالَ : ورُبَّما قالوا : أَوْ بحذْفِ الهاءِ أَي مع تَشْديدِ الواوِ بِلا مَدِّ ، وبه يُرْوَى البَيْتُ المَذْكورُ أَيْضاً.
قالَ : وبعضُهم يقولُ : أَوَّهْ ، بفتْحِ الواوِ المُشَدَّدَةِ ساكِنَة الهاءِ لتَطْويلِ الصَّوْتِ بالشِّكَايَةِ.
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) اللسان والصحاح ويروى : «فأَيِّ لذكراها» وفي التهذيب : فأوه من الذكرى.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان والتهذيب.