وتَغاوَوْا عليه : أَي تَجَمَّعُوا عليه وتَعاوَنُوا عليه ، وأَصْلُه في الشَّرِّ لأنَّه مِن الغَيِّ والغَوايَةِ.
وقوْلُه فقَتَلُوه : هو مِن حديثِ قَتْلةِ عُثْمان : «فتَغاوَوْا عليهِ واللهِ حتى قَتَلُوه» ، ومنه قوْلُ أُختِ المُنْذرِ بنِ عمْرِو الأنصارِي فيه حينَ قَتَلَه الكفّارُ :
تَغاوَتْ عليه ذِئابُ الحِجازِ |
|
بَنُو بُهْثةٍ وبَنُو جَعْفرِ (١) |
أَو جاؤُوا من ههنا ومن ههنا (٢) وإن لم يَقْتُلُوهُ ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه ، ويُرْوَى العَيْن أَيْضاً وقد تقدَّمَ.
وقالَ الزَّمَخْشري : تَغاوَوْا عليه تَأَلَّبُوا عليه تَأَلّب الغُواةِ.
وغَوِيَ الفَصِيلُ وكذا السَّخْلَةُ ، كرَضِيَ ورَمَى ، مِثْل هَوِيَ وهَوَى الأُوْلى لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ ، غَوًى ، مَقْصورٌ ، فهو غَوٍ ، مَنْقوصٌ : بَشِمَ من اللَّبَنِ ، أَي شَرِبَه حتى اتَّخَمَ وفسَدَ جَوْفُه ، أَو إذا أَكْثَرَ منه حتى اتَّخَم.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت : الغَوى هو أَن لا يَشْرَبَ مِن لِبَا أُمِّه ولا يَرْوى مِن اللّبَنِ حتى يَموتَ هُزالاً ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
أَو غَوِيَ الجَدْيُ مُنِعَ الرَّضاعَ حتى يَضُرَّ به الجُوعُ فهُزِلَ ، نقلَهُ أَبو زَيْدٍ في نوادِرِه.
وفي التَّهذيبِ : إذا لم يُصِبْ رِيًّا من اللّبَنِ حتى كادَ يَهْلِكُ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل : الصَّبيُّ والفَصِيلُ إذا لم يَجِدا من اللّبَنِ غُلْقَةً فلا يَرْوَى (٣) وتراهُ مُخْتَلًّا.
قالَ شمِرٌ : هذا هو الصّحِيحُ عنْدَ أَصْحابنا ، وشاهِدُ الغَوى قولُ عامِرٍ المَجْنون يَصِفُ قوْساً وسَهْماً :
مُعَطَّفَةَ الأثْناءِ ليسَ فَصِيلُها |
|
برازِئِها دَرًّا ولا مَيِّتٍ غَوَى (٤) |
أَنْشَدَه الجَوْهرِي وهو من اللُّغْزِ. قُلْت : وعلى اللُّغَةِ الثانِيَةِ نَقَلَ الزَّمَخْشري عن بعضٍ في قوْلِه تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (٥) ، أَي بَشِمَ من كَثْرةِ الأكْلِ.
قالَ البَدْر القرافي : هذا وإن صَحَّ في لُغةٍ لكنَّه تَفْسِيرٌ خَبِيثٌ.
* قُلْت : وأَحْسَنُ مِن ذلكَ ما قالَهُ الأزْهرِي والرَّاغبُ فَغَوى ، أَي فَسَدَ عليه عَيْشُه ، أَو غَوَى هنا بمعْنَى خابَ أَو جَهِلَ أَوْ غَيْرُ ذلكَ ممَّا ذَكَرَه المُفسِّرُونَ.
ويقالُ : هو وَلَدُ غَيَّةٍ ، بالفَتْح ويُكْسَرُ ، قالَ اللِّحياني : وهو قَليلٌ ، أَي وَلَدُ زَنْيَةٍ كما يقالُ في نَقِيضِه وَلَدُ رَشْدَةٍ.
ويقولونَ إذا أَخْصَبَ الزَّمانُ : جاءَ الغاوِي والهاوِي ، فالغاوِي الجَرادُ ، والهاوِي : الذِّئْبُ ، وسَيَأْتي له في هوى خِلافُ ذلكَ.
وقولُه تعالى : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (٦) ، قيلَ : غَيٌّ : وادٍ في جهَنَّم ، أَو نَهْرٌ أَعَدَّاهُ للغَاوِينَ ، أَعاذَنا اللهُ من ذلكَ.
وقالَ الرَّاغبُ : أَي يَلْقَوْن عَذاباً فسَمَّاه الغَيَّ لمَّا كانَ الغَيُّ هو سَبَبُه ، وذلكَ تسْمِيَةُ الشيءِ بما هو من سَبَبِه كما يُسَمّون النَّباتَ نَدًى ، وقيلَ : مَعْناه أَي (٧) سَوْفَ.
وكَغَنِيٍّ وغَنِيَّةٍ وسُمَيَّةَ : أَسْماءٌ.
وبَنُو غَيَّانَ : حَيٌّ من جُهَيْنَةَ وَفَدُوا على رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوسلم ، فسَمَّاهُمْ : بَني رَشْدانَ ، وهُم بَنُو غَيَّان بنِ قَيْسِ بنِ جُهَيْنَة ، منهم : بَسْبَسُ بنُ عَمْرٍو ، وكَعْبُ بنُ حمارٍ (٨) ، وغنمةُ (٩) ابنُ عَدِيٍّ ، ووديعةُ (١٠) بنُ عَمْرٍو ، شَهِدُوا بَدْراً.
والغَوْغاءُ : الجَرادُ ، يُذكَّرُ ويُؤنَّثُ ويُصْرفُ ولا يُصْرَفُ هو أَوَّلاً : سَرْوَةٌ ، فإذا تحرَّكَ فدَبًى ، فإذا نَبَتَتْ أَجْنِحَتُه
__________________
(١) اللسان والتهذيب والأساس.
(٢) في القاموس : من ههنا وههنا.
(٣) العبارة في التهذيب : إذا لم يجدا إلّا علقة فلا يروى وتراه محثلاً.
(٤) اللسان والتهذيب والصحاح ولم ينسبوه.
(٥) سورة طه ، الآية ١٢١.
(٦) سورة مريم ، الآية ٥٩.
(٧) كذا بالأصل وفي نقله عن الراغب نقص ، وتمام عبارة المفردات : وقيل معناه : فسوف يلقون أثر الغيّ وثمرته.
(٨) في جمهرة ابن حزم ص ٤٤٤ حِمَّان.
(٩) في ابن حزم : عَنَمَة.
(١٠) في ابن حزم : ربيعة.