والفِتْيانُ ، بالكسْرِ : قَبيلةٌ من بَجِيلَةَ ، وهُم بَنُو فِتْيانِ ابنِ مُعاوِيَةَ بنِ زيْدِ بنِ الغَوْثِ ، وفيهم يقولُ ابنُ مُقْبل :
إذا انْتَجَعَتْ فِتْيانُ أَصْبَح سرْبُهم |
|
بخَدْجاءِ عَيْشٍ آمِناً أَن ينفرَا |
منهم : أَبو عاصمٍ ربيعَةُ ، كذا في النُّسخِ والصَّوابُ رفاعَةُ بنُ شدَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ حيالِ (١) بنِ بَدَّا ابنِ فِتْيان الفِتْيانِيُّ مِن أَصْحابِ عليِّ ، رضياللهعنه ، قالَهُ ابنُ الكَلْبي. وقالَ مُسْلم : سَمِعَ عمرو بن الحمْقِ ، وعنه السّدي ، وعبدُ الملِكِ بنُ عُمَير وبيانُ بنُ بِشْر.
والفُتُوَّةُ ، بالضَّمِّ والتَّشديدِ ، وإنَّما أَعراهُ عن الضّبْطِ لشُهْرتِه ، وقد تقدَّمَ الكَلامُ على واوِه : الكَرَمُ والسَّخاءُ ، هذا لُغَة ، وفي عُرْفِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنْ يُؤْثرَ الخَلْقَ على نفْسِه بالدُّنْيا والآخِرَةِ.
وصاحِبُ الفُتُوَّة ، يقالُ له : الفَتَى ، ومنه : لا فَتَى إلّا عليّ ، وقولُ الشاعِرِ :
فإنّ فتى الفتيان من رَاحَ واغْتَذَى |
|
لضرّ عدوٍّ أو لنَفْعِ صَدِيقِ |
وعُبِّرَ عنها في الشَّريعةِ بمكارِمِ الأخْلاقِ ، ولم يَجِىءْ لَفْظُ الفُتُوَّة في الكِتابِ والسُّنَّةِ ، وإنّما جاءَ في كَلامِ السَّلَفِ ، وأَقْدَمُ مَنْ تكلَّمَ فيها جَعْفَرُ الصّادِقِ ، ثم الفضيلُ ، ثم الإمامُ أَحمدُ وسهلُ والجُنَيدُ ، ولهم في التَّعْبيرِ عنها أَلْفاظٌ مُخْتَلفَةٌ والمآلُ واحِدٌ.
ويقالُ : هو فَتًى بَيِّن الفُتُوَّةِ.
وقد تَفَتَّى وتَفاتَى ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
وفَتَوْتُهُمْ أَفْتُوهُم : غَلَبْتُهُمْ فيها ، أَي في الفُتُوَّةِ.
والفُتَيُّ ، كسُمَيٍّ ، هكذا هو مَضْبوطٌ في نسخِ التَّهذيبِ ، وفي ياقوتة الغمر : بخَطِّ توزون مُسْتَمْلي أَبي عُمَر. بكسْرِ التاءِ ، قَدَحُ الشُّطَّارِ ، عن ابنِ الأعْرابي نقلَهُ الأزْهري ، وهو ما يُكالُ به الخَمرُ. قالَ الزَّمَخْشري : يقالُ : شَرِبَ بالفُتَيِّ ، وهو قَدَحُ الشُّطَّارِ ، سُمِّي به لصغرِه ، وهو مجازٌ.
والمُفْتِي ، كمُحْسِنٍ : مِكْيالُ هِشامِ بنِ هُبَيْرَةَ ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه والأزْهرِي عن الأصْمعي ، قالَ : والعُمَرِيُّ هو مِكيالُ اللّبَنِ ، والمدّ الهِشامِيّ هو الذي كانَ يَتَوضَّأ به سعيدُ بنُ المُسَيِّب. وفي الحديثِ : أَنَّ امْرأَةً سأَلَتْ أُمَّ سَلمةَ أَنْ تُرِيَها الإناءَ الذي كانَ يتوضَّأُ منه رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوسلم ، فأَخْرَجَتْه فقالت المَرْأَةُ : هذا مَكُّوكُ المُفْتِي.
قالَ ابنُ الأثِيرِ : أَرادَتْ تَشْبيهَ الإناءِ بمكُّوكِ هِشامٍ ، أَو أَرادَتْ مَكُّوك صاحِبِ المُفْتِي ، فحذَفَتِ المُضافَ. أَو مَكُّوك الشارِبِ : وهو ما يُكالُ به الخَمرُ ، فتأَمَّل ذلكَ.
والفِتَةُ ، كعِدَةٍ : الحَرَّةُ (٢) ، ج فِتُونَ ، بالكسْرِ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
أَفْتَى : شَرِبَ بالفَتِيِّ عن ابنِ الأَعْرابي.
ويقالُ للبَكْرةِ مِن الإِبِلِ : فَتِيَّةٌ ، وتَصْغيرُها : فُتُيَّةٌ.
والفَتَاءُ ، كسَحابٍ : الفُتُوَّةُ.
والأَفْتاءُ من الدوابِّ خِلافُ المَسانِّ ، واحِدُها فَتِيٌّ ، كغَنِيٍّ ، مِثْلُ يَتِيمٍ وأَيْتامٍ ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
وتَفاتَوْا إلى الفَقِيهِ : ارْتَفَعُوا إليه في الفُتْيا ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
واسْتَفتيته فأَفْتانِي : أَي طَلَبْتُ منه ، ومنه قولُه تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ) (٣) ، وقولُه تعالى : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ) (٤). وفِتْيَانُ بنُ أَبي السَّمْح : الفَقِيهُ المِصْرِي مِن كِبارِ أَصْحابِ مالِكٍ.
وأَبو الفِتْيانِ عُمَرُ بنُ عبدِ الكَريمِ بنِ سَعْدَوَيْه الدهستاني الحافِظُ ، ويُعْرَفُ بالرواسِي أَيْضاً ، رَوَى عن الخطِيبِ البَغْدادي ، ماتَ بسرخس (٥) سَنَة ٥٥٣.
__________________
(١) في جمهرة ابن حزم ص ٣٨٩ جعال.
(٢) كذا بالأصل والتكملة وفي القاموس : الَجرَّةُ الجيم.
(٣) سورة النساء ، الآية ١٢٧.
(٤) سورة الصافات ، الآية ١٤٩.
(٥) نص في اللباب على وفاته بالحروف سنة ثلاث وخمسمئة ، في جمادى الأول.