حصادك يوما ما زرعت وإنما |
|
يدان الفتى يوما كما هو دائن (١) |
وقال عثمان بن زيات : يوم القهر والغلبة ، تقول العرب : مدان فدان ، أي قهرته فخضع وذلّ. وقال الأعشى :
هو دان الرباب إذ كرهوا الدين |
|
دراكا بغزوة وارتحال |
ثم دانت بعد الرباب وكانت |
|
كعذاب عقوبة الأقوال (٢) |
وسمعت أبا القاسم الحسين بن محمد الأديب يقول : سمعت أبا المضر محمد بن أحمد ابن منصور يقول : سمعت أبا عمر غلام ثعلب يقول : كان الرجل إذا أطاع ودان إذا عصى ، ودان إذا عزّ وكان إذا ذلّ ، ودان إذا قهر.
وقال الحسن بن الفضل : يوم الإطاعة ، قال زهير :
لئن حللت بواد في بني أسد |
|
في دين عمرو وحالت بيننا فدك (٣) |
أي في طاعة ، وكل ما أطيع الله فيه فهو دين.
وقال بعضهم : يوم العمل ، قال الفراء : دين الرجل خلقه وعمله وعادته ، وقال المثقب العبدي :
تقول إذا درأت وضيني لها |
|
أهذا دينه أبدا وديني (٤) |
وقال محمد بن كعب القرضي : مالك يوم لا ينفع فيه إلّا الدين ، وهذه من قول الله تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (٥) ، وقوله : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) (٦).
وإنما خصّ يوم الدين بكونه مالكا له ؛ لأن الأملاك في ذلك اليوم زائلة [فينفرد تعالى بذلك] (٧) ، وهي باطلة والأملاك خاصة. وقيل : خص (يَوْمِ الدِّينِ) بالمالك فيه ؛ لأن ملك الدنيا قد اندرج في قوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨) ، فأثبت أنه مالك الآخرة بقوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ؛ ليعلم أن الملك له في الدارين. وقيل : إنما خصّ (يَوْمِ الدِّينِ) بالذكر ؛ تهويلا وتعظيما لشأنه كما قال تعالى : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ * لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (٩) ، ولا خفاء بهم في كل الأوقات عن الله عزوجل.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ١٤٤.
(٢) الصحاح : ٥ / ٢١١٨.
(٣) لسان العرب : ١٠ / ٤٧٣.
(٤) الصحاح : ٥ / ٢١١٨.
(٥) سورة الشعراء : ٨٨ ـ ٨٩.
(٦) سورة سبأ : ٣٧.
(٧) زيادة لتقويم النص.
(٨) سورة الحمد : ٢.
(٩) سورة غافر : ١٦.