ووجه القول القديم ما روى سفيان عن عاصم بن أبي النجود ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة وعائشة أنهما كانا يأمران بالقراءة وراء الإمام إذا لم يجهر.
واحتج أبو حنيفة وأصحابه بما أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا الوليد ابن حمّاد اللؤلؤي : حدّثنا الحسن بن زياد اللؤلؤي : حدّثنا أبو حنيفة عن الحسن عن عبد الله بن شدّاد بن الماد عن جابر بن عبد الله قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من صلّى خلف امام فإنّ قراءة الإمام له قراءة» [٥٠] (١).
وأخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن أيوب ، أخبرنا أحمد بن يونس ، حدّثنا الحسن بن صالح ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من كان له إمام فقراءته له قراءة» [٥١] (٢).
فأمّا حديث عبد الله بن شدّاد فهو مرسل ، رواه شعبة وزائدة وابن عينية وأبو عوانة وإسرائيل وقيس وجرير وأبو الأحوص مرسلا ، والمرسل لا تقوم به حجّة ، والوليد بن حماد والحسن لا يدرى من هما. وأما خبر جابر الجعفي فهو ساقط ، قال زائدة : جابر كذاب ، وقال أبو حنيفة : ما رأيت أكذب من جابر. وقال ابن عينية : كان جابر لا يوقن بالرجعة.
وقال شعبة : قال لي جابر : دخلت إلى محمد بن علي فسقاني شربة وحفظت عشرين ألف حديث. ولا خلاف بين أهل النقل في سقوط الاحتجاج بحديثه.
وقد روي عن جابر بن عبد الله ما خالف هذه الأخبار ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو بكر ابن إسحاق ، حدّثنا عبد الله بن محمد ، حدّثنا محمد بن يحيى ، أخبرنا سعد بن عامر ، عن شعبة ، عن مسعر عن يزيد بن الفقير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام ، ومحال أن يروي جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن قراءة الإمام قراءة المأموم ثم يقرأ خلف الإمام ويأمر به مخالفة للنبي صلىاللهعليهوسلم.
واحتجوا أيضا بما روي عن عاصم بن عبد العزيز عن أبي سهيل عن عوان عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يكفيك قراءة الإمام جهر أو لم يجهر» [٥٢] (٣).
وهذا الحديث أيضا لا يثبته أهل المعرفة بالحديث ؛ لأنه غير متن الحديث ، وإنما الخبر الصحيح فيه عن أبي هريرة ما أخبرنا أبو عمرو الفراتي ، أخبرنا الهيثم بن كليب ، حدّثنا العباس ابن محمد الدوري ، حدّثنا بشر بن كلب ، حدّثنا شعبة ، عن العلاء بن عبد الرّحمن ، عن أبيه ،
__________________
(١) نصب الراية : ٢ / ١٦.
(٢) مسند أحمد : ٣ / ٣٣٩.
(٣) نصب الراية : ٢ / ١٨ ، سنن الدار قطني : ١ / ٣٢٧ ، بتفاوت.