فاخذ النبي عليا ، واخذ العباس جعفرا وتكفل امره ، وتولى شؤونه (١).
وهكذا وللمرة الاخرى اصبح على عليه السلام في حوزة رسول الله صلى الله عليه وآله بصورة كاملة واستطاع بهذه المرافقة الكاملة ان يقتطف من ثمار اخلاقه العالية. وسجاياه النبيلة ، الشيء الكثير الكثير ، وان يصل تحت رعاية النبي وعنايته وبتوجيهه وقيادته إلى اعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي.
وهذا هو الامام امير المؤمنين عليه السلام يشير إلى تلك الايام القيمة والى تلك الرعاية النبوية المباركة المستمرة إذ يقول : «ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه ، يرفع لى كل يوم من اخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به» (٢).
على في غار حراء
كان النبي حتى قبل ان يبعث بالرسالة والنبوة يعتكف ويتعبد في غار حراء شهرا من كل سنة ، فإذا انقضى الشهر وقضى جواره من حراء انحدر من الجبل ، وتوجه إلى المسجد الحرام راسا وطاف بالبيت سبعا ، ثم عاد إلى منزله.
وهنا يطرح سؤال : وماذا كان شأن على عليه السلام في تلك الايام التي كان يتعبد ويعتكف فيها رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك المكان مع ما عرفناته من حب الرسول الاكرم له؟ هل كان يأخذ صلى الله عليه وآله عليا معه إلى ذلك المكان العجيب ام كان يتركه ويفارقه؟ ان القرائن الكثيرة تدل على ان النبي صلى الله عليه وآله منذ ان اخذ عليا لم يفارقه يوما ابدا فهاهم المؤرخون يقولون : كان على يرافق النبي دائما ولا يفارقه اببدا حتى ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا خرج إلى الصحراء أو الجبل اخذ عليا معه (٣).
__________________
(١) بحار الانوار ج ٣٥ ص ٤٤ وسيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٤٦.
(٢) نهج البلاغة شرح عبده ج ٢ ص ١٨٢.
(٣) شرح ابن ابى الحديد ج ١٣ ص ٢٠٨.