(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) يعني الأمم عن إجابتهم الرسل (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) عن تبليغ الأمم (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) قال ابن عباس : ينطق لهم كتاب أعمالهم يدلّ عليه قوله (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) الآية (١).
(وَما كُنَّا غائِبِينَ) عن الرسل فيما يلقون وعن الأمم فيما أجابوا (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ) يعني [السؤال] (الْحَقُ) قال مجاهد : والقضاء يومئذ العدل ، وقال آخرون : أراد به دون [وزن الأعمال] وذلك أن الله عزوجل ينصب الميزان له [يدان وكفّان] يوم القيامة يوزن أعمال العباد خيرها وشرها فيثقل مرّة ميزان الحسنات لنجاة من يريد نجاته. ويخفّف مرّة ميزان الحسنات علامة هلاك من يريد هلاكه.
فإن قيل : ما الحكمة في وزن أعمال العباد والله هو العالم بمقدار كلّ شيء قبل خلقه إياه وبعده قلنا أربعة أشياء : أحدهما : امتحان الله تعالى عباده بالإيمان به في الدنيا ، والثاني : جعل ذلك علامة لأهل السعادة والشقاوة في العقبى.
والثالث : تعريف الله عزوجل للعباد ما عند الله من جزاء على خير وشر ، والرابع : إلقائه الحجّة عليه.
ونظيره قوله (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (٢) الآية فأخبر ما تأتي الأعمال ونسخها مع علمه بها ما ذكرناه من المعاني والله أعلم.
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) قال مجاهد : حسناته (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) إلى قوله تعالى (يَظْلِمُونَ) يجحدون قال حذيفة : صاحب الموازين يوم القيامة جبرائيل يقول الله تعالى «يا جبرائيل زن بينهم فردّ بعضهم على بعض» قال : ليس ثمّ ذهب ولا فضّة وإن كان للظالم حسنات أخذ من حسناته فيرد على المظلوم وإن لم يكن له حسنات يحمل عليه من سيئات صاحبه ، يرجع الرجل وعليه مثل الجبال [١٧٢].
قال ابن عباس : توزن الحسنات والسيئات في ميزان لسان وكفتان فأمّا المؤمن فيؤتي بعمله في أحسن صورة فيرتفع في كفّة الميزان وهو الحق فينقل حسناته على سيئات فيوضع عمله في الجنّة يعرفها بعمله فذلك قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الناجون ولهم غرف بمنازلهم في الجنّة إذا انصرفوا إليها من أهل [الجنّة] إذا انصرفوا إلى منازلهم.
وأمّا الكفّار فيؤتى بأعمالهم في أقبح صورة فيوضع في كفّة الميزان وهي الباطل فيخفّ وزنه حتّى يقع في النار ثمّ يقال للكافر : الحق بعملك.
__________________
(١) سورة الجاثية : ٢٩.
(٢) سورة الجاثية : ٢٩.