أراد : أن أحبّة.
وقال آخر :
فما ألوم البيض أن لا تسخروا |
|
لما رأيتي الشمط القفندرا (١) |
وقال آخر :
أبى جوده لا البخل واستعجلت به |
|
نعم الفتى لا يمنع الجود قاتله (٢) |
أراد : أبى جوده البخل.
سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا الهيثم الجهني يحكي عن أحمد بن يحيى ثعلب قال : كان بعضهم يكره القالا ، وتناول في المنع بمعنى القول ، لأن القول والفعل يمنعان ، وتقديره : من قال لك لا تسجد. قال بعضهم : معنى المنع الحول بين المرء وما يريد. والممنوع مضطر إلى خلاف ما منع منه فكأنّه قال : أي شيء اضطرّك إلى أن لا تسجد (٣).
(إِذْ أَمَرْتُكَ) قال إبليس مجيبا له (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لأنّك (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) والنار خير وأفضل وأصفى وأنور من الطين قال ابن عباس : أوّل من قاس إبليس. فأخطأ القياس فمن قاس الدين بشيء من رأيه قرنه مع إبليس.
وقال ابن سيرين : أوّل من [قاس] إبليس ، وما عبدت الشمس والقمر إلّا بالمقاييس.
وقالت الحكماء : أخطأ عدو الله حين فضّل النار على الطين ، لأن الطين أفضل من النار من وجوه :
أحدها : إنّ من جوهر الطين الرزانة والسكون والوقار والاناة والحلم والحياء والصبر ، وذلك هو الداعي لآدم في السعادة التي [سبقت] له إلى التوبة والتواضع والتضرّع وأدرته المغفرة والاجتنباء والهداية والتوبة ومن جوهر النار الخفّة والطيش والحدّة والارتفاع والاضطراب ، وذلك الداعي لإبليس بعد الشقاوة التي سيقت له إلى الاستكبار والإصرار فأدركه الهلاك والعذاب واللعنة والشقاق.
والثاني : إنّ الطين سبب جمع الأشياء والنار سبب تفريقها.
والثالث : إن الخبر ناطق بأن تراب الجنّة مسك أذفر ولم ينطق الخبر بأن في الجنة نارا وفي النار ترابا.
__________________
(١) جامع البيان : ١ / ١٢١ / ، ولسان العرب : ٢ / ١١٢.
(٢) تفسير الطبري : ٨ / ١٧٠ ، ولسان العرب : ١٢ / ٥٨٩.
(٣) تفسير الطبري : ٨ / ١٧١.