قال ابن زيد : نسله (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) قال مجاهد : قال إبليس : جعل لنا أربعا : نرى ولا يرى ونخرج من تحت الثرى. ويعود شيخنا فتى.
قال مالك بن دينار : إن عدوا [يراك] ولا تراه لشديد [المؤنة] إلّا من عصم الله.
وسمعت أبا القاسم [الحبيبي] قال : سمعت أبي قال : سمعت عليّ بن محمد الورّاق يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : الشيطان قديم وأنت حديث والشيطان ليّن وأنت ناعم الناحية والشيطان يراك وأنت لا تراه والشيطان لا ينساك وأنت لا تزال تنساه ومن نفسك له عون وليس لك منه عون.
وقيل : صدر ابن آدم مسكن له ويجري من ابن آدم مجرى الدم ، وأنه لا يقاومه إلّا بعون الله. ومنه يقول : ولا أراه من حيث يراني. وعند ما أنساه لا ينساني فسيدي إن لم [تغث] يسبيني كما سبا آدم من جنانك.
قال ذو النون المصري : إن كان هو يراك من حيث لا تراه فإنّ الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله عليه فـ (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً).
(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) أعوانا وقرناء (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) وفاحشتهم أنّهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال [بالنهار والنساء بالليل]. ويقولون : نطوف كما ولدتنا أمهاتنا ولا نطوف في الثياب التي اقترفنا فيها الذنوب.
وكانت المرأة تضع على قبلها النسعة أو الشيء وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
وما بدى منه فلا أحلّه (١) |
وفي الآية إضمار ومعناه (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) ونهوا عنها (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) قيل : من أين أخذوا آباؤكم قالوا : (اللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) قال ابن عباس : بلا إله إلّا الله ، وقال الضحاك : التوحيد ، وقال مجاهد والسدي : بالعدل (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) قال مجاهد والسدي وابن زيد : يعني وجهوا وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة.
وقال الضحاك : إذا حضرت الصلاة وأنتم عند المسجد فصلّوا فيه ولا تقولن : أحب أن أصلي في مسجدي ، وإذا لم يكن عند مسجد [فليأت] أيّ مسجد فليصلّ فيه.
وقال الربيع : معناه واجعلوا سجودكم لله سبحانه وتعالى خالصا دون ما سواه من الآلهة
__________________
(١) تفسير الطبري : ٧ / ١٧٩.