بعد. قال ابن عباس وقتادة والضحاك : يعني أعمالهم وما كتب عليهم من خير أو شر ، فمن عمل خيرا أجزي به ومن عمل شرا أجزي به. مجاهد عن ابن عباس قال : هو ما وعد من خير وشر.
عطيّة عن ابن عباس أنّه قال : ينالهم ما كتب لهم وقد كتب لمن يفتري على الله أن وجهه مسود (١) ، يدل عليه [قوله تعالى] ، (وُجُوهُهُمْ) يومئذ (مُسْوَدَّةٌ).
قال الربيع والقرظي وابن زيد : يعني ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال والأعمار فإذا فنيت و [تم خرابها] (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) يقبضون أرواحهم يعني ملك الموت وأعوانه (قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ) تعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) انشغلوا بأنفسهم (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) أقروا (أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) قالوا : [شهدنا] على أنفسنا [بتبليغ الرسل] وغرّتهم الحياة الدنيا وشهدوا وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين (قالَ ادْخُلُوا) يقول الله عزوجل لهم يوم القيامة ادخلوا (فِي أُمَمٍ) يعني مع جماعات (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ) يعني كفار الأمم الماضية (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) في الدين والملة ولم يقل أخاها لأنّه عنى بها الأمّة فيلعن المشركون المشركين واليهود اليهود ، وكذلك النصارى النصارى والمجوس المجوس ويلعن الأتباع القادة يقولون : لعنكم الله أنتم غررتمونا يقول الله عزوجل (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها) أي تلاحقوا (جَمِيعاً) قرأ الأعمش : حتّى إذا تداركوا ، على الأصل ، وقرأ النخعي : حتّى إذا أدّركوا ، مثقلة الدال من غير ألف أراد فنقلوا من الدرك.
(قالَتْ أُخْراهُمْ) قال مقاتل : يعني أخراهم دخولا للنار وهم الأتباع ، (لِأُولاهُمْ) دخولا وهم القادة.
قال ابن عباس : (أُخْراهُمْ) يعني آخر الأمم ، (لِأُولاهُمْ) يعني أوّل الأمم ، وقال السدي : (أُخْراهُمْ) يعني الذين كانوا في آخر الزمان. (لِأُولاهُمْ) يعني الذين شرعوا لهم ذلك الدين (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) عن الهدى. يعني الفساد (فَآتِهِمْ) أي فأعطاهم (عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) أي مضعفا من النار (قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) من العذاب (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) حتّى يحل بكم (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) لأنّكم كفرتم كما كفر به ونحن وأنتم في الكفر شرع سواء وفي العذاب أيضا (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ) قرئ بالياء والياء والتشديد والتخفيف جميعا (لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) يعني لا أرواحهم وأعمالهم لأنّها خبيثة فلا يصعد بل تهوى بها إلى [سجن] تحت الصخرة التي تحت الأرضين.
روى أبو هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إن الميت ليحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا : اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة ، وأبشري
__________________
(١) تفسير الطبري : ٨ / ٢٢٥.