نَعَمْ) قال الكسائي «نَعِمْ» بكسر العين وتجوز بإسكانها وهما لغتان (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) فنادى مناد منهم (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) الكافرين (الَّذِينَ يَصُدُّونَ) يصرفون (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دين الله (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يطلبونها زيغا وميلا (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ وَبَيْنَهُما حِجابٌ) يعني بين الجنّة والنار حجاب حاجز وهو السور الذي ذكر الله عزوجل في قوله (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ).
(وَعَلَى الْأَعْرافِ) يعني على ذلك الحجاب. والأعراف سور بين الجنّة والنار وهي جمع عرف وهو كلّ تل مرتفع ومنه عرف الديك لارتفاعه على ما سواه من جسده.
وقال الشماخ :
وظلت بأعراف تعالى كأنها |
|
رماح نحاها وجهة الريح راكز (١) |
ويروى : بأعراف قفالا ، أي قفالى أي قفلى بعضهم بعضا ، بمشغرة نصف حمير ، وشبّه [قوامها] بالرماح نحاها قصد بها وجهة الريح ، أي جهة الريح ، وقوله : بأعراف أي نشوز من الأرض.
وقال آخر :
كل كناز لحمها نياف |
|
كالعلم الموفي على الأعراف (٢) |
يعني كل كناز نياف لحمها والكناز الصلب.
قال السدي : سمي أعرافا لأن أصحابه يعرفون الناس. وقال الحسين بن الفضل : هو الصراط ، واختلفوا في الرجال الذين أخبر الله عنهم أنهم على الأعراف من هم وما السبب الذي من أجله صاروا هناك؟ فقال حذيفة وابن عباس : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم في سيّئاتهم وقصرت بهم سيّئاتهم عن الجنّة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، فوقفوا هناك حتّى يقضي الله فيهم ما يشاء ثمّ يدخلهم الجنّة بفضل رحمته وهم آخر من يدخل الجنّة قد عرفوا أهل الجنّة وأهل النار ، فإذا أراد الله أن يعافيهم انطلق بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة حافتاه من الذهب مكلّلا باللؤلؤ ترابه المسك فالقوا فيه حتّى يصلح ألوانهم ويبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بهم فأتى بهم فقال الله لهم : تمنوا ما شئتم فيتمنون متى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم : لكم الذي تمنيتم ومثله سبعون ضعفا فيدخلون الجنّة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها يسمون مساكين أهل الجنّة.
قال ابن مسعود : يحاسب الله عزوجل الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من
__________________
(١) تفسير الطبري : ٨ / ٢٤٧.
(٢) المصدر السابق : ٨ / ٢٤٧.