(٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَـٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩)
(وَإِلى ثَمُودَ) قرأ يحيى بن وثاب : إلى ثمودٍ بالصرف والتنوين. والباقون بغير الصرف وإنّما يعني : وإلى بني ثمود ، وهو ثمود بن [عاد] بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو [جديس] وأراد هاهنا القبيلة.
قال أبو عمرو بن العلا : سمّيت ثمود لقلّة مائها والثمد الماء القليل ، وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى (أَخاهُمْ صالِحاً) وهو صالح بن [عبيد] بن أسف ابن ماسخ بن عبيد بن خادر بن ثمود (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) حجّة ودلالة من ربّكم على صدقي (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ) أضافها إليه على التفضيل والتخصيص كما يقال : بيت الله (١).
وقيل : أضيفت إلى الله لأنّها كانت بالتكوين من غير اجتماع ذكر وأنثى ولم يكن في صلب ولا رحم ولم يكن للخلق فيها سعي (آيَةً) نصب على الحال أي انظروا إلى هذه الناقة (فَذَرُوها تَأْكُلْ) العشب (فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) ولا تصيبوها [بعقر] (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ) أسكنكم وأنزلكم (فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ) قرأ الحسن (وَتَنْحَتُونَ) بفتح الحاء وهي لغة (الْجِبالَ بُيُوتاً) وكانوا ينقبون في الجبال البيوت (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) يعني الأشراف والقادة الذين تعظّموا عن الإيمان بصالح عليهالسلام (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) يعني الأتباع (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) جاحدون (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) نحروها (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) يعني العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي من الصادقين (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) يعني الصيحة والزلزلة وأصلها الحركة مع الصوت. قال الله : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ).
قال الشاعر :
وظلّت جمال القوم بالقوم ترجف (٢) |
|
ولمّا رأيت الحج قد آن وقته |
وقال الأخطل :
__________________
(١) راجع تاريخ الطبري : ١ / ١٥٨.
(٢) انظر : تفسير القرطبي : ٧ / ٢٤٢ ، وفيه : وظلت مطايا القوم.