قال الجعفي :
راحوا بصائرهم على أكتافهم |
|
وبصيرتي يعدو بها عتد وآي (١) |
تعدّوا عداوي وأصلها ظهور الشيء وقيامه واستحكامه حتّى يبصر الإنسان فيهتدي إليها وينتفع بها ، ومنه قيل : [ما لي في الأمر] (٢) من بصيرة (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) قال عبد الله بن مسعود : كنا نسلم بعضنا على بعض في الصلاة سلام على فلان وسلام على فلان فجاء القرآن : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) يعني في الصلاة وقال أبو هريرة : كانوا يتكلّمون في الصلاة فأتت هذه الآية وأمروا بالإنصات.
وقال الزهري : نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلما قرأ شيئا قرأه ، فنزلت هذه الآية.
وروى داود بن أبي هند عن بشير بن جابر قال : صلّى ابن مسعود فسمع ناسا يقرءون مع الإمام فلما انصرف قال : أما آن لكم أن تفقهوا ، أما آن لكم أن تعقلوا (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) كما أمركم الله (٣).
وروى الحريري عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدّثان والقارئ يقرأ فقلت : ألا تستمعان إلى الذكر وتستوحيان الموعود ، قال : فنظرا إلي ثمّ أقبلا على حديثهما ، قال : فأعدت الثانية فنظرا لي فقالا : إنّما ذلك في الصلاة : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا).
وروى زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة قال : نزلت هذه الآية في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصلاة (٤).
وقال الكلبي : وكانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حتّى يسمعون ذكر الجنّة والنار فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال قتادة : كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم في أول ما فرضت عليهم ، وكان الرجل يأتي وهم في الصلاة فيسألهم كم صليتم؟ كم بقي؟ فأنزل الله عزوجل هذه الآية (٥).
__________________
(١) الصحاح : ٢ / ٥٩٢ ، وتفسير القرطبي : ٧ / ٣٥٣ وفيه بدل راحوا : جاءوا ، وفي تفسير الطبري (٧ / ٣٩٧) : حملوا.
(٢) بياض في المخطوط ، والظاهر ما أثبتناه.
(٣) راجع تفسير الدر المنثور : ٣ / ١٥٦.
(٤) راجع تفسير الطبري : ٩ / ٢١٧ ، ونصب الراية : ٢ / ٢١.
(٥) أسباب النزول للواحدي : ١٥٤.