محرمين. فذلك قوله تعالى (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) قرأه العامة بضم أوّله وهي من حرم يحرم حراما في الحركات وهما جميعا جمع حرام ، ويقال : رجل حرام وحرم ومحرم ، وحلال وحلّ ومحلّ (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) [يحرم ما يريد على من يريد] (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) الآية نزلت في الحطم واسمه شريح بن ضبيعة بن هند بن شرحبيل البكري ، وقال : إنه لما أتى المدينة وخلف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : إلى ما تدعو الناس؟ فقال : «إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» (٢) [٤]. فقال : حسن إلّا إن لي من لا أقطع أمرا دونهم ولعلي أسلم وآتي بهم.
وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : يدخل عليكم بعض من ربيعة يتكلم بلسان الشيطان ، ثم خرج شريح من عنده ، فلما خرج ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقد دخل بوجه كافر ، وخرج بعقب غادر ، فمرّ بسرح المدينة فاستاقه وانطلق به وهو يرتجز :
لقد لفها الليل بسواق حطم |
|
ليس براعي إبل ولا غنم |
ولا بجزار على ظهر الوضم |
|
باتوا نياما وابن هند لم ينم |
بات يقاسيها غلام كالزلم |
|
خلج الساقين مسموح القدم (٣) |
فلما كان في العام القابل خرج حاجّا في حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة وقد قلّدوا الهدي فقال ناس من أصحابه للنبي صلىاللهعليهوسلم : هذا الحطم خرج حاجّا فحل بيننا وبينه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «مه قد قلد الهدي» [٥].
فقال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّما هذا شيء كنا نفعله في الجاهلية. فأبى النبي صلىاللهعليهوسلم : فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).
ابن عباس ومجاهد : هي مناسك الحج ، وكان المشركون يحجّون ويهدون فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنهاهم الله تعالى عنها ، [وقال الحسن دين الله كلّه] يدل عليه قوله (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (٤).
عطية عن ابن عباس : هي أن تصيد وأنت محرم ، يدل عليه قوله (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا).
عطاء : شعائر حرمات الله اجتناب سخطه واتباع طاعته بالّذي حرم الله.
أبو عبيدة : هي الهدايا المشعرة وهي أن تطعن في سنامها ويحلل ويقلّد ليعلم أنها هدي ،
__________________
(١) زيادة عن زاد المسير : ٢ / ٢٣١.
(٢) أسباب نزول الآيات : ١٢٥ ، وتفسير القرطبي : ٦٧ / ٤٣.
(٣) جامع البيان : ٦ / ٧٩.
(٤) سورة الحج : ٣٢.