ومن خلفك يقول الله (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) وملك قابض على ناصيتك ، فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك ، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلّا الصلاة على محمد صلىاللهعليهوسلم ، وآله ، وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحيّة في فيك ، وملكان على عينيك هؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي يتداولون ملائكة الليل على ملائكة النهار ؛ لأن ملائكة الليل أي ليسوا من ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس مع بني آدم بالنهار وولده بالليل» [١٣٦] (١).
قتادة وابن جريح : هذه ملائكة الله عزوجل يتعاقبون فيكم بالليل والنهار ، وذكر لنا أنّهم يجتمعون عند صلاة العصر وصلاة الصبح.
همام بن منبه عن أبي هريرة عن محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ قالوا : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون» [١٣٧] (٢).
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية قال : ذكر [أنّ] (٣) ملكا من ملوك الدنيا له حرس من دونه حرس فإذا جاء أمر الله لم ينفعوا شيئا.
عكرمة : هؤلاء ملائكة من بين أيديهم ومن خلفهم لحفظهم.
شعبة عن شرفي عن عكرمة قال : الجلاوزة (٤).
الضحاك : هو السلطان المحترس من الله وهم أهل الشرك ، وقوله (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) اختلفوا فيه فقال قوم : يعني : بأمر الله ، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ، وهذا قول مجاهد وقتادة ورواية الوالبي عن ابن عباس ، وقال الآخرون : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) ما لم يجئ القدر (٥).
لبيد عن مجاهد : ما من عبد إلّا به ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس الهوام فما منهم شيء بأمره يريده إلّا قال فذاك لا يأتي بإذن الله عزوجل فيه فيصيبه.
وقال كعب الأحبار : لو لا وكل الله بكم ملائكة يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا يحيطكم الجن.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٩ / ٢٩٤.
(٢) صحيح مسلم : ٢ / ١١٣.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة اقتضاها السياق.
(٤) تفسير الطبري : ١٣ / ١٥٦.
(٥) راجع تفسير القرطبي : ٩ / ٢٩٢.