بالقتل والأسر (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ) أشد (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) مانع يمنعهم من العذاب.
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠))
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) في دخولها اختلفوا في الرافع للمثل.
فقال الفراء : هو ابتداء وخبر على قوله (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وقيل معنى المثل الصفة كقوله (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) (١) أي الصفة العليا وقوله (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٢) ومجاز الآية صفة (الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) أنّ الأنهار تجري من تحتها وكذا وكذا.
وقيل مثل وجه مجازها (الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ، والعرب تفعل هذا كثيرا بالمثل والمثل كقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٣) أي ليس هو كشيء.
وقيل معناه : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) (٤). قيل الجنة [بدل] منها.
قال مقاتل : معناه شبه الجنة (الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) في الخير والنعمة والخلود والبقاء كشبه النار [في العذاب و] الشدّة والكرب (٥).
(أُكُلُها دائِمٌ) لا ينقطع ولا يفنى (وَظِلُّها) ظليل لا يزال وهذا رد على الجهمية ، حيث قالوا : إن نعيم الجنة يفنى (تِلْكَ عُقْبَى) يعني ما فيه (الَّذِينَ اتَّقَوْا) الجنة (وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يعني القرآن وهم أصحاب محمد (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَمِنَ الْأَحْزابِ) يعني الكفار الذين كذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم اليهود والنصارى
__________________
(١) سورة النحل : ٦٠.
(٢) سورة الفتح : ٢٩.
(٣) سورة الشورى : ١١.
(٤) سورة الرعد : ١٨.
(٥) المصدر السابق : ٩ / ٣٢٥.