بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢))
(يس) اختلف القراء فيه ، فقرأ حمزة والكسائي وخلف في أكثر الروايات يِس بكسر الياء بين اللفظين قراءة أهل المدينة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم.
الباقون : بفتح الياء ، وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وحمزة وأيوب وأبو حاتم وعاصم في أكثر الروايات ، (يسين) ، بإظهار النون والسكون.
واختلف فيه عن نافع وابن كثير ، فقرأ عيسى بن عمر : (يَس) بالنصب ، شبهه بـ (أين) و (كيف) ، وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر النون ، شبهه بأمس ورقاش وحذام وقرأ هارون الأعور : بضم النون ، شبهه بمنذ وحيث وقطّ. الآخرون : بإخفاء النون.
واختلف المفسرون في تأويله ، فقيل : قسم ، وقال ابن عباس : يعني يا إنسان بلغة طيئ عطا : بالسريانية ، وقال أبو العالية : يا رجل ، وقال سعيد بن جبير : يا محمّد ، دليله قوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
وقال السيد الحميري :
يا نفس لا تمحضي بالنصح جامدة |
|
على المودة إلّا آل ياسينا (١) |
وقال أبو بكر الوراق : يا سيد البشر.
فإن قيل : لم عدّ (يس) آية ولم يعد (طس) آية؟
فالجواب أنّ (طس) أشبه قابيل من جهة الزنة والحروف الصحاح و (يس) أوله حرف علة وليس مثل ذلك في الأسماء المفردة ، فأشبه الجملة والكلام التام وشاكل ما بعده من رؤوس الآي.
(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وهو جواب لقول الكفار : (لَسْتَ مُرْسَلاً).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٥ / ٤.