(كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ) : ننزع ونخرج (مِنْهُ النَّهارَ) ، وقال الكلبي : نذهب به (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) : داخلون في الظلام.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) يعني إلى مستقر لها. قال ابن عباس : لا تبلغ مستقرها حتى ترجع إلى منازلها ، وقال قتادة : إلى وقت واحد لها لا تعدوه ، وقيل : إلى انتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا ، وقيل : إلى أبعد منازلها في الغروب.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا عمر بن الخطاب وأحمد بن جعفر قالا : حدّثنا إبراهيم ابن سهل قال : حدّثنا محمد بن بكار العيسي قال : حدّثنا إسماعيل بن علية قال : حدّثنا يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) قال : «مستقرها تحت العرش» [٧٥] (١).
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثني أبو الطيب أحمد بن عبد الله بن يحيى الدارمي قال : حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد السمرقندي بدمياط قال : حدّثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدّثنا مروان بن معاوية عن محمد بن أبي حسان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قرأ : (والشمس تجري لا مستقر لها) ، وهي قراءة ابن مسعود أيضا ، أي لا قرار لها ، فهي جارية أبدا.
(ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ) بالرفع ، نافع وابن كثير وأبو عمرو وأيوب ويعقوب غير ورش (٢) ، واختاره أبو حاتم قال : لأنك شغلت الفعل عنه فرفعته للابتداء ، وقرأ الباقون بالنصب ، واختاره أبو عبيد ، قال : للفعل المتقدم قبله والمتأخر بعده ، فأما المتقدم فقوله : (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) وأما المتأخر فقوله : (قَدَّرْناهُ) ، أي قدرنا له المنازل.
(مَنازِلَ) ، أي قدرنا له المنازل وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها ، وأسماؤها : الشرطان ، والبطين ، والثريا ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنثرة ، والطرف ، والجبهة والزبرة ، والصرفة ، والعوّا ، والسماك ، والغفر ، والزباني ، والإكليل ، والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلع ، وسعد السعود ، وسعد الأخبية ، وفرغ الدلو المقدم ، وفرغ الدلو المؤخر ، وبطن الحوت.
فإذا صار إلى آخر منازله (عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ، وهو العذق الذي فيه الشماريخ ، فإذا أقدم وعتق يبس وتقوّس واصفر فشبه القمر في دقته وصفرته به ، ويقال لها أيضا الأهان.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) بل هما يسيران دائبين ولكلّ حدّ لا يعدوه ولا
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ١٥٨.
(٢) وهو محمد بن أحمد المقرئ الورشي المغربي الأندلسي ، راجع الأنساب : ٥ / ٥٩١.