قال علي رضياللهعنه : ولكنّي والله أحبّ أن أقتلك ، فحمي عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره أو ضرب وجهه وأقبل على عليّ فتناولا وتجاولا وقتله عليّ رضياللهعنه.
وخرجت خيله منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة (١) ، وقتل مع عمرو رجلان : منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار ، أصابه سهم فمات منه بمكّة ، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي ، وكان قد اقتحم الخندق فتورّط فيه فرموه بالحجارة ، فقال : يا معشر العرب قتلة أحسن من هذه ، فنزل إليه عليّ فقتله فغلب المسلمون على جسده ، فسألوا رسول الله صلّى الله عليه أن يبيعهم جسده فقال رسول الله صلّى الله عليه : لا حاجة لنا في جسده ولا ثمنه فشأنكم به ، فخلّى بينهم وبينه.
قالت عائشة أمّ المؤمنين : كنّا يوم الخندق في حصن بني حارثة ، وكان من أحرز حصون المدينة ، وكانت أمّ سعد بن معاذ معنا في الحصن ، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فمرّ سعد بن معاذ وعليه درع مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلّها وفي يده حربته وهو يقول :
لبّث قليلا يشهد الهيجا حمل |
|
لا بأس بالموت إذا حان الأجل (٢) |
فقالت أمّه : الحق يا بني فقد والله أخرت ، قالت عائشة : فقلت لها : يا امّ سعد والله لوددت أنّ درع سعد كانت أسبغ ممّا هي ، وخفت عليه حيث أصاب السهم منه ، قالت : فرمي سعد يومئذ فقطع منه الأكحل ، وزعموا أنّه لم ينقطع من أحد قطع إلّا لم يزل يفيض دما حتى يموت ، رماه حيان بن قيس بن الغرقة أحد بني عامر بن لؤي ، فلمّا أصابه قال : خذها فأنا ابن الغرقة فقال سعد : غرق الله وجهك في النار ، ثمّ قال سعد : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنّه لا قوم أحبّ إليّ من أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك ، فكذّبوه وأخرجوه ، وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة ، وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار ، عن يحيى بن عبادة بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عبادة قال : كانت صفية بنت عبد المطّلب في قارع حصن حسّان بن ثابت قالت : وكان حسّان معنا فيه مع النساء والصبيان.
قالت صفية : فمرّ بنا رجل من اليهود فجعل يطوف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت
__________________
(١) وفي ذلك اليوم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لمبارزة علي لعمرو بن ود أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة ، وفي لفظ : لضربة علي خير من عبادة الثقلين ، راجع مستدرك الصحيحين : ٣ / ٣٢ ، وكنز العمال : ٦ / ١٥٨ ، والسيرة الحلبية : ٢ / ٣٤٩.
(٢) البداية والنهاية : ٤ / ١٢٣.