وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ، فلما أتيت على هذه الآية (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) ، رأيت فيما يرى النائم كأنّ القلم خرّ ساجدا ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكرت ذلك له.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «تقول كما قال وتسجد كما سجد» [١١٤] فتلاها فسجدوا وأمرنا أن نسجد فيها.
وأخبرني الحسين بن محمّد قال : حدثنا صمد بن علي بن الحسن الصوفي قال : حدثنا أبو حفص بكر بن أحمد بن مقبل قال : حدثنا عمر بن علي الصيرفي قال : حدثنا اليمان بن نصر الكعبي قال : حدثنا عبد الله أبو سعد المدني قال : حدثني محمّد بن المنكدر عن محمّد بن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني أبو سعيد الخدري قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله إني رأيت الليلة في منامي كأني تحت شجرة ، والشجرة تقرأ ص ، فلما بلغت السجدة سجدت ، فسمعتها تقول في سجودها : اللهم أكتب لي بها أجرا ، وحط عني بها وزرا ، وارزقني بها شكرا ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفسجدت أنت يا أبا سعيد؟».
قلت : لا يا رسول الله.
قال : «أنت كنت أحق بالسجدة من الشجرة» ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى بلغ السجدة فسجد ثم قال مثل ما قالت الشجرة (١).
وأخبرني الحسين بن محمّد قال : حدثنا محمّد بن علي بن الحسن قال : حدثنا بكر بن أحمد بن مقبل قال : حدثنا نصر بن علي قال : حدثنا محمّد بن يزيد بن خنيس قال : حدثنا الحسن بن محمّد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريح : حدثنا حسن قال : حدثني جدّك عبيد الله بن أبي يزيد قال : حدثني ابن عبّاس قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إني رأيت الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة ، فرأيت كأني قرأت السجدة فسجدت فرأيت الشجرة كأنها سجدت ، فسمعتها وهي ساجدة تقول : اللهم اكتب لي عندك بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا ، وضع عني بها وزرا ، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود.
قال ابن عبّاس : فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ السجدة ثم سجد فسمعته وهو ساجد يقول مثل ما قال الرجل من كلام الشجرة ، قال الله سبحانه وتعالى (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ).
__________________
(١) تفسير الثعالبي : ٥ / ٦٤.