حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب : أن سليمان بن داود احتجب عن الناس ثلاثة أيام ، فأوحى الله عزوجل إليه : أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور عبادي ، ولم تنصف مظلوما من ظالم.
وذكر حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه كما رويناه (١).
وقال في آخره : قال علي : فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله عزوجل يسلطه على نسائه (٢).
وقال بعض المفسرين : كان سبب فتنة سليمان أنه أمر أن لا يتزوج امرأة [إلّا] من بني إسرائيل ، فتزوج امرأة من غيرهم فعوقب على ذلك.
وقيل : ان سليمان لما أصاب ابنة ملك صيدون أعجب بها ، فعرض عليها الإسلام فأبت وامتنعت فخوّفها سليمان.
فقالت : إن أكرهتني على الإسلام قتلت نفسي.
فخاف سليمان أن تقتل نفسها ، فتزوج بها وهي مشركة ، وكانت تعبد صنما لها من ياقوت أربعين يوما في خفية من سليمان إلى أن أسلمت ، فعوقب سليمان بزوال ملكه أربعين يوما (٣).
وقال الشعبي في سبب ذلك : ولد لسليمان ابن ، فاجتمعت الشياطين وقال بعضهم لبعض : إن عاش له ولد لم ننفك مما نحن فيه من البلاء والسحرة ، فسبيلنا أن نقتل ولده أو نحيله.
فعلم سليمان بذلك فأمر السحاب حتّى حملته الريح وغدا ابنه في السحاب خوفا من معرة الشيطان ، فعاقبه الله لخوفه من الشيطان ، ومات الولد فألقى ميتا على كرسيّه ، فهو الجسد الذي قال الله سبحانه : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ).
وقيل : هو ان سليمان قال يوما : لأطوفن الليلة على نسائي كلهن ، حتّى يولد لي من كل واحدة منهن ابن فيجاهد في سبيل الله. ولم يستثن ، فجامعهن كلهن في ليلة واحدة ، فما خرج له منهن إلّا شق مولود ، فجاءت به القابلة والقته على كرسي سليمان.
فذلك قوله عزوجل : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) وهو ما أخبرنا عبد الله بن حامد عن آخرين قالوا : حدثنا ابن الشرقي ، قال : حدثنا محمّد بن عقيل وأحمد بن حفص قالا : حدثنا حفص قال : حدثني إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة ، قال : اخبرني أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة
__________________
(١) بطوله في تاريخ دمشق : ٢٢ / ٢٤٨ ط. دار الفكر.
(٢) الدر المنثور : ٥ / ٣١٢.
(٣) انظر تفسير القرطبي : ١٥ / ١٩٩.