(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) فيقبضها عند فناء أجلها وانقضاء مدتها (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) كما يتوفى التي ماتت ، فجعل النوم موتا (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) عنده.
قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي وخلف. قضي بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء الموت رفع على مذهب ما لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون بفتحها ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، قالا : لقوله (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) فهو يقضي عليها.
قال المفسرون : إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتعارف ما شاء الله تعالى منها ، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى أجسادها ، أمسك الله تعالى أرواح الأموات عنده وحبسها ، وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع إلى أجسادها (١).
(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وقت انقضاء مدة حياتها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
أخبرنا عبد الله بن حامد الأصبهاني أخبرنا محمّد بن جعفر المطري حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا ابن فضل حدثنا عطاء عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) قال : يقبض أنفس الأموات والأحياء ، فيمسك أنفس الأموات ويرسل أنفس الأحياء إلى أجل مسمّى لا يغلط.
وقال ابن عبّاس : في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس ، فالنفس التي بها العقل والتمييز ، والروح التي بها النفس والتحرك ، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه.
أخبرنا الحسين بن محمّد الثقفي حدثنا الفضل بن الفضل الكندي حدثنا إبراهيم بن سعد بن معدان حدثنا ابن كاسب حدثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة ان النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا أوى أحدكم إلى فراشه ، فليضطجع على شقه الأيمن وليقل : باسمك ربّي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» [١٣٤] (٢).
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) من الشفاعة (وَلا يَعْقِلُونَ) يعني وإن كانوا لا يملكون شيئا من الشفاعة ولا يعقلون إنكم تعبدونهم أفتعبدونهم (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) فمن يشفع فبإذنه يشفع (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ).
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢٤ / ١٢.
(٢) المصنف لابن أبي شيبة : ٦ / ٢٤١ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ٢٦٢.