أخبرنا عبد الله بن حامد إجازة أخبرنا محمّد بن الحسين حدثنا محمّد بن جعونة أخبرنا أبو اليمان الحكم بن نافع حدثنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن سعيد بن ثوبان الكلاعي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه أتاه حبر من أحبار اليهود فقال : إني سائلك عن أشياء فخبّرني بها.
فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «اسأل ذلك».
فقال الحبر : أرأيت قول الله تعالى في كتابه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) فأين الخلق عند ذلك؟
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «هم أضياف الله تعالى فلن يعجزهم ما لديه».
فقال الحبر : فقوله سبحانه وتعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فأين الخلق عند ذلك؟
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «هم فيها كالرقيم في الكتاب» [١٤٣] (١).
وقال ابن عبّاس : في هذه الآية كل ذلك يمينه ، وليس في يده الأخرى شيء ، وإنما يستعين بشماله المشغولة يمينه ، وما السماوات والأرضون السبع في يدي الله تعالى إلّا كخردلة في يد أحدكم (٢).
أنبأني عقيل بن أحمد : أن المعافا بن زكريا أخبره عن محمّد بن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة حدثني ابن إسحاق عن محمّد عن سعيد قال : اتى رهط من اليهود النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا محمّد هذا الله خلق الخلق ، فمن خلقه؟
فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم حتّى انتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربّه فجاءه جبرئيل عليهالسلام فسكنه وقال : اخفض عليك جناحك وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه ، قال يقول الله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
فلما تلاها عليهم النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا له : صف لنا ربك كيف خلقه وكيف عضده وكيف ذراعه؟
فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم أشد من غضبه الأول ثم ساورهم فجاءه جبرئيل فقال : مثل مقالته ، وأتاه بجواب ما سألوه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الآية (٣).
وقال مجاهد : وكلتا يدي الرحمن يمين.
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٣ / ٣٣٣.
(٢) تفسير الطبري : ٢٤ / ٣٢.
(٣) تفسير الدر المنثور : ٦ / ٤١٠.