أي : قرب ، ونظيرها هذه الآية قوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) (١) أيّ قربت القيامة.
(إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) من الخوف قد زالت وشخصت من صدورهم ، فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا فليسوا سواء (٢) نظيره قوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٣) (... كاظِمِينَ) مكروبين ممتلئين خوفا وحزنا ، والكاظم الممسك للشيء على ما فيه ، ومنه كظم قربته إذا شد رأسها ، فهم قد أطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف ، والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حين يضيق به.
يقول العرب للبئر الضيقة وللسقاية المملوءة : ماء كظامة وكاظمة ، ومنه الحديث : كيف بكم [إذا] بعجت مكة كظائم.
قال الشاعر :
يخرجن من كاظمة الح صن الخرب |
|
يحملن عبّاس بن عبد المطلب (٤) |
ونصب (كاظِمِينَ) على الحال والقطع.
(ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) قريب وصديق ، ومنه قيل للأقرباء والخاصة حامّة (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فيشفع فيهم (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ).
وقال المؤرخ : فيه تقديم وتأخير مجازه أي الأعين الخائنة قال ابن عبّاس : هو الرجل يكون جالسا مع القوم ، فتمر المرأة فيسارقهم النظر إليها.
وقال مجاهد : هي نظر الأعين إلى ما نهى الله تعالى عنه.
قتادة : هي همزة بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى ولا يرضاه.
(وَما تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) يعني الأوثان (لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) لأنها لا تعلم شيء ولا تقدر على شي.
وقرأ أهل المدينة وأيوب : تدعون بالتاء ، ومثله روى هشام عن أهل الشام والباقون : بالياء.
(إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً).
__________________
(١) سورة النجم : ٥٧.
(٢) تفسير الطبري : ٢٤ / ٦٧ بتفاوت.
(٣) سورة إبراهيم : ٤٣.
(٤) لسان العرب : ١٥ / ٣٩٥ ، وفيه : (صبحن) بدل (يخرجن)