جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢))
(وَقالُوا) يعني الكفّار الّذين يحشرون إلى النّار. (لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) حدثنا عقيل بن محمّد : إنّ أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمّد بن جرير ، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري ، أخبرنا علي بن قادم الفزاري ، أخبرنا شريك ، عن عبيد المكيت ، عن الشعبي ، عن أنس ، قال : ضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم حتّى بدت نواجذه ، ثمّ قال : «ألّا تسألوني ممّ ضحكت».
قالوا : مم ضحكت يا رسول الله؟
قال : «عجبت من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة ، قال : يقول يا ربّ أليس وعدتني أن لا تظلمني؟ قال : فإنّ لك ذاك. قال : فإنّي لا أقبل عليّ شاهدا ، إلّا من نفسي. قال : أو ليس كفى بي شهيدا ، وبالملائكة الكرام الكاتبين؟ قال : فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل».
قال : «فيقول لهنّ بعدا لكنّ وسحقا عنكنّ كنت أجادل» [١٦١] (١).
قال الله تعالى : (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) أي تستخفون في قول أكثر المفسرين ، وقال مجاهد : تتقون. قتادة : تظنون. (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) أخبرنا الحسين بن محمّد ابن فنجويه ، حدثنا هارون بن محمد بن هارون وعبد الله بن عبد الرّحمن الوراق ، قالا : حدثنا محمد بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن كثير وأبو حذيفة ، قالا : حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن وهب بن ربيعة ، عن ابن مسعود ، قال : إنّي لمستتر بأستار الكعبة ، إذ جاء ثلاثة نفر ، ثقفي وختناه قريشيان ، كثير شحم بطونهم ، قليل فقههم ، فحدّثوا الحديث بينهم ، فقال أحدهم : أترى يسمع ما قلنا؟ فقال الآخر : إذا رفعنا يسمع ، وإذا خفضنا لم يسمع ، وقال الآخر : إن كان يسمع إذا رفعنا فإنّه يسمع إذا خفضنا. فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فذكرت له ذلك ، فأنزل الله تعالى (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) ... إلى قوله : (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) والثقفي عبد ياليل وختناه القريشيان ربيعة وصفوان بن أمية. (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) أهلككم. (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) قال قتادة : الظنّ هاهنا بمعنى العلم ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا يموتنّ أحدكم ، إلّا وهو يحسن الظنّ بالله ، وإنّ قوما أساءوا
__________________
(١) مسند أبي يعلى : ٧ / ٥٥.